د. محمد عبدالله الخازم
أُجبرنا على التعليم عن بعد، فقلت «لو» رغم شيطنة هذه الكلمة. لو طبق ما طالبت به عام 2012م في مقال كتبته عن الجامعة الإلكترونية، لكان وضعنا أفضل خلال الجائحة! هذا ما كتبته والفكرة لا زالت تستحق النقاش.
التعليم عن بعد (ومرادفاته) يعد أحد صيغ التعليم المنتشرة في العالم ويقدم بطرق مختلفة مع كون الفكرة الرئيسة تتمثل في عدم ضرورة حضور الطالب إلى الجامعة والحصول على المواد التعليمية عبر وسائط مختلفة، أهمها الوسائط الالكتروني، وعبر الإنترنت سواء مباشرة أو مسجلة أوقراءة ذاتية، إلخ.
بعيداً عن التفاصيل، هذا النوع من التعليم تقدمه بعض الجامعات السعودية ومع التطور التقني في وسائط الاتصال تزداد كفاءة وخبرة فيه. وأحد أسسه التي يغفل عنها البعض تتمثل في أنه يعتمد على برامج أكاديمية قائمة يتم تأسيسها ومصطلح الكتروني أو عن بعد ما هو إلا ممثل لوسيلة وطريقة تقديمه. وبالتالي فإننا لا نجده شائعاً وجود جامعات الكترونية متميزة مستقلة بذاتها عن برامج أكاديمية قائمة. على أن بعض الجامعات قامت بإنشاء اتحاد بينها يسهل نقطة الوصول للمتلقي لبرامجها المختلفة ويسهل تشاركها في استخدامات التقنيات ذات العلاقة. مثال ذلك اتحاد جامعات جنوب داكوتا الحكومية الست.
فكرة الجامعة المفتوحة أو الالكترونية (كما تم تسميتها) فكرة جيدة لتنويع مصادر التعلم وإتاحته لكافة شرائح المجتمع، لكننا لا نرى إلغاء ما هو قائم من برامج الانتساب والتعليم عن بعد التي تقوم بها الجامعات حالياً، وبالتالي فقد سنوات من الخبرة. إضافة إلى ذلك، فإن تأسيس الجامعة الالكترونية لبرامج جديدة يعني أنها تحتاج هيئة تدريسية لإعداد مناهج جديدة وبدلاً من أن يمنح خريج برنامج التعليم عن بعد شهادة من جامعة ما معروفة وذات خبرة، سيمنح شهادة من جامعة الكترونية قد لا تعترف بها الجهات التوظيفية. الجامعة الجديدة في حالة إلغاء برامج الانتساب والتعليم عن بعد القائمة حالياً ستقلص مساحات التنافس والتنوع بين الجامعات في هذا الشأن، وبالتالي تؤثر على محفزات الجودة، كما أنها ستضع أعباء وتكاليف مادية جديدة؛ لأنها ستبدأ من الصفر وستخسر إمكانات الجامعات القائمة.
أطالب بأن لا تكون الجامعة الوليدة (الإلكترونية) على حساب إلغاء برامج التعليم عن بعد والانتساب بالجامعات، بل أن تكون سنداً لها بالتحول إلى ما يشبه اتحاد برامج التعليم عن بعد مثل ما هو حاصل في تجربة جامعات جنوب داكوتا، بحيث تقدم الدعم التقني للجامعات وتشكل بوابة الكترونية موحدة للقبول فيها ولتوحيد أو تنسيق طرق التعليم عن بعد الإلكترونية، فهذا أجدى. بمعنى آخر أن تكون نظاما أو اتحادا أو (كونسورتيوم) مساندا لما هو قائم بالجامعات.
انتهى الاقتباس ويقرأ وفق تاريخه. فكرة (كونسورتيوم) أو ما يعرف بنظام الجامعة، شائع في أمريكا ولا يشمل فقط جانب التعليم عن بعد ولكن جوانب عدة، وسبق أن كتبت هنا مطالباً بتبنيه من جامعتنا على مستوى المناطق، مثلاً، ولعلنا نعود لطرحه مستقبلاً. مساحة المقال تنتهي وأختم بالأمنية؛ لعل جائحة كورونا تعلمنا التفكير بشكل أعمق في تأسيس (University System) بكل منطقة من مناطقنا.