د.عبدالعزيز الجار الله
سيدخل العالم بعد ثلاثة أسابيع النصف الثاني من سنة كورونا كوفيد - 19 بعد الإعلان الرسمي عن انتشاره وانطلاقته من الصين في يناير، فالعالم لن يكون هو العالم كما كان في 2019م فلا السياسة هي السياسة، ولا الاقتصاد، ولا المجتمعات، ولا الثقافة والتعليم، ولا حتى المزاج للترفيه والسفر والسياحة والفنادق والشواطئ، لن يبقى الحال كما هو لقد رحل عنا من رحل -رحمهم الله رحمة واسعة- وآخرون شعروا بالطمأنينة والانسجام في البقاء في البيت، والبعض فكر في قريته ومدينته الصغيرة وفِي الريف المشجر، والقرى الساحلية وقرى الجبال، جاءت أفكار حقيقية كانت تحجبها ما يسمى (مطحنة الحياة اليومية) والضغط اليومي الذي كان يستهلكنا ولا يتوقف لتنير لنا طريقًا آخر.
بالتأكيد أن الاقتصاد أكثر المحاور تضررًا، قسم كبير ممن يعمل في هذا القطاع سيجد نفسه خارج الدائرة، وأن أموالاً كانت ضمن أجندت هذا العام لن يراها ولن تعود، حكومات وشركات ومؤسسات وشخصيات ستفقد أموالها أو ستغرق في ديون، هذه ليست سوق أسهم ولا انهيار سوق النفط والذهب، هذه موجة أذهبت العقول، وطارت بالأرواح، وخلقت توترًا داخل النفس.
المجتمع الذي كان غارقًا في حياة العالم التقني الجديد والرفاهية والتفاعل الحضاري الشيق، أصبح يعيش في العالم الافتراضي، لا يعرف الحقيقة، ويشعر أنه محدد وخائف من التحولات السريعة في الاقتصاد، والاستثمار، ومستقبل الوظائف، والخوف على استمرار الراتب الشهري والمدخول السنوي، والمعيشة اليومية، هذه حقيقة صادمة لا يتوقع أن المعالجة ستكون سريعة، فالذين كان عندهم اعتقاد على قلب الطاولة وتغيير الأحداث سريعًا، هؤلاء أصبحوا عاجزين أن يقفوا على أقدامهم.
ليست هي الصورة السوداوية حول العالم، لكن كل دولة حسب صمودها وخططها ومخزونها وخزينتها، فقد شاهدنا أمريكا أقوى دولة في العالم كادت أن تختطف خلال ساعات وتنهار بسبب كورونا وتصرف أرعن من شرطي ضد مواطن مقابل مبلغ مالي زهيد 20 دولار، والصين تقف على أعتاب الحدث الساخن وهي في مواجهة مرتقبة يمكن أن يحدث لها متغير في مكمن قوتها بالديموغرافيا السكان الذين وصلوا إلى تخمة في التعداد السكاني مليار ونصف المليار نسمة، قد يكون هذا الرقم هو العامل القاتل والناقل السريع للأوبئة، وروسيا التي كانت تعتقد أنها في أقصى آسيا وآخر أوروبا البعيدة ولديها الحامي الأبيض الثلج أن كورونا لن يضربها، رأينا كيف ضرب كورونا بياض ثلجها وجعلها حبيسة فيروسات جارتها الصين.
إذن العالم على جرف هار.