علي الخزيم
عاصم: طفل يختصر المعاناة بعد قفز عصابات الحوثي المدعومة من نظام طهران المجوسي إلى مواقع السلطة بأجزاء من اليمن الشقيق، تركزت عليه عيون المشاهدين عبر تقرير مصور بثته قناة العربية التلفزيونية مؤخرا، جالت الكاميرات بين القرى ومحيطها، تكشف للعالم مدى الأسى والألم والفقر (المُدْقِع ـ المُذِل) الذي يعيشه هؤلاء البؤساء من أبناء اليمن ممن جعلهم حظهم العاثر بين خناجر وسياط عصابات الحوثي، فمثلاً نقلت الصورة والصوت مشاهد مأساوية من قرية (أسلم) حيث الوجوه الشاحبة والبطون الجائعة والقامات الهزيلة أنهكها الفقر والقهر والمهانة، وهم أهل اليمن بتاريخهم وشموخهم وسجلِّهم الحافل بالكرم والتضحيات، فلا يلامون أن تملَّكهم الغيظ والإحباط والآلام، ولا يُسألون عن مصيرهم ومجرمي الحوثي ورجال عصاباتهم يحيطونهم بالذل والبأس بعد أن سرقوا مقدراتهم وصادروا كل معونات ترسل لهم.
تقول مقدمة التقرير: كل الزوايا تحتاج للتصوير والتركيز عليها، فلم يبق للاختيار مجال أو فرصة، وكل فرد بحاجة لعدسة خاصة لتظهر معاناته للعالم، والمرأة هنا هي الضحية الأولى للجهل وغياب التوعية، وهذا ما يتأثر به الأطفال مباشرة لالتصاقهم بالنساء، وتحدث بعض السكان عن طعامهم فقالوا: نأكل أوراق الشجر؛ وظهرت عوائل منهم يلتئمون أمام عملية حشد الأوراق وطبخها ثم هرسها مع شيء من الملح ونحو ذلك لإساغتها، ثم مشهد انكباب الصغار والصبية البؤساء على الوجبة الورقية، وتدمع عينك وأنت تشاهد بضع نساء يختطفن لقيمات ليس لأنفسهن ولكن لعجائز مقعدات لا حول لهن ولا قوة، فويل للحَوَثَةِ مما صنعت أيديهم وويل لهم مما يكسبون!
وتعبر أم مرضعة عن سبب تفاقم صحة رضيعها بأنه يلقم ثديها ثم ينبذه لخلوه مما يبل ريقه، فكيف تدر وهي لم تجد ما تأكله منذ أمد! وجرح آخر حين سألتها المقدمة: كم مرة بالأسبوع تأكلون الدجاج أو اللحم (سؤال لم يكن بوقته ولا مكانه)؛ اللهم نسألك أن تكفكف دموعها وعبراتها فهي الجواب، اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم! أوضاع صحية متدنية بل شبه معدومة بما يفترض أنها مراكز صحية، وتشير مديرة مركز طبي إلى سوء الأوضاع بما لا يمكن تعديله وتصحيحه بالجهود الفردية البسيطة المتواضعة التي تؤديها الكوادر المحلية المجتهدة، وتُحَمِّل برامج الأمم المتحدة المسئولية فهي بما تملكه من إمكانات وما تجده من دعم من الدول المانحة، بجانب الهبات الكبيرة التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وما تملكه المنظمة من مكاتب منتشرة باليمن قادرة على أن تصنع شيئاً، إلَّا أن واقع الحال يقول غير ذلك تماماً فالتخاذل والتقصير هما المسيطران على أعمال المنظمة، ولك أن تتساءل ماذا تصنع كل تلك المكاتب هناك طيلة هذه السنين؟!
هل يصح أو يستساغ التحجج بدوريات الحوثي وقواته التي تحول دون وصول المساعدات ومن تقديم الخدمات، علاوة على مصادرتها للمواد الإغاثية وسرقتها من المستودعات والموانئ؟! فوكالات المنظمة أجهزة تشرف عليه هيئات عليا قادرة ـ لو أرادت ـ على تجاوز المعضلات بالقانون الدولي المُلزم.