فضل بن سعد البوعينين
إشادات عالمية حظيت بها المملكة منذ اتفاق أوبك + الذي انعكس إيجاباً على صناعة النفط العالمية وأعاد الأسعار إلى ما فوق 43 دولار. لم يكن الوصول إلى اتفاق الخفض التاريخي هينا، بل تطلب اجتماعات مطولة قادتها المملكة، وعمل مكثف وتدخلات دبلوماسية عليا، ضمنت التوصل إلى اتفاق نهائي ومؤثر في سوق الطاقة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أعرب عن شكره لـ السعودية وروسيا، على مساعدتهما الولايات المتحدة في إنقاذ قطاعها النفطي؛ وقال للصحفيين «لقد أنقذنا صناعتنا النفطية ولو فقدناها لكان ذلك كارثة». حاول البعض استغلال الإشادة الأمريكية للانتقاص من السعودية التي نجحت في إنقاذ صناعة الطاقة بسياستها المتزنة وقيادتها المسؤولة والمؤثرة في أوبك، وتصوير أن ما قامت به جاء خدمة للاقتصاد الأمريكي وليس مصالحها الخاصة.
لم ينج أحد من تداعيات انهيار أسواق النفط، والمملكة من أكثر الدول المتضررة لاعتماد ميزانيتها العامة على الإيرادات النفطية، ومن مصلحتها تنسيق الجهود وقيادة أوبك+ للحد من انهيار الأسعار. كما أن توسيع نطاق أوبك ودخول دول منتجة أخرى في اتفاقيات خفض الإنتاج يعزز من مكانتها وموثوقيتها، وقوة تأثيرها العالمي.
لم تقف جهود المملكة عند إنجاز اتفاق إبريل الماضي، بل واصلت عملها لضمان الاتفاق على تمديد خفض الإنتاج بالحجم الحالي والتشديد على التزام الجميع بحصص الخفض؛ وهو ما تم الاتفاق عليه في اجتماع أوبك+ الذي عقد السبت الماضي.
أعتقد أن اعتماد سياسة «التعويض» أمر لافت في الاجتماع، حيث أوضح البيان الختامي أن الدول التي لم تلتزم بتخفيضات الإنتاج منذ إقرار الاتفاق، سيترتب عليها التعويض بالنسبة التي لم تلتزم بها، خلال شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر، وهذا سيساعد على تحقيق التزام الجميع مستقبلاً.
يشكل التزام المنتجين تحديا لأوبك، ولا يمكن تحقيق التوازن الأمثل للسوق دونه، وأي خرق ولو كان من دولة واحدة سيؤثر سلباً على التزام الآخرين. لذا شدد سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، على «إن الالتزام بالاتفاق الحالي هو مفتاح الحل» وأن استقرار الأسواق مرتبط بالمنتجين الحاليين في حال التزامهم بالنسب المتفق عليها سلفاً.
أسهمت سياسة المملكة النفطية القائمة على تحقيق التوازن الأمثل للسوق والمحافظة على مصالح المنتجين والمستهلكين وعدالة التسعير بإنقاذ سوق النفط المنهارة، والعودة بها إلى المسار الصحيح، وقاد الأمير عبدالعزيز بن سلمان الاجتماعات باحترافية وتأثير إيجابي ساهم في تعزيز اتفاق إبريل، وتمديده مع شبه توافق على استمراريته وفق حاجة السوق. وكالة بلومبيرغ ومن خلال تعليقها على الاتفاق واجتماع السبت الماضي، أشادت بالدور السعودي في قيادة أوبك+ وخلق الاتفاق والمحافظة عليه، وكتب جوليان لي الخبير الإستراتيجي في قطاع النفط مقالة عنونها بـ»السعودية تضع قانون سوق النفط العالمي».
أجزم أن المملكة سعت من خلال أوبك أو جهودها المستقلة مع كبار المنتجين، للمحافظة على سوق الطاقة العالمي وحمايته من الأزمات الناتجة عن المتغيرات الاقتصادية من خلال تحقيق التوازن الأمثل بين العرض والطلب، وهو أمر قد لا يتفهمه بعض المنتجين المتسببين في إغراق السوق، إلا أن نتائجه دائماً ما تكون إيجابية على الأسعار والاقتصاد العالمي والمنتجين.
اختلف مع من يقول بممارسة المملكة السلطة على أعضاء أوبك الآخرين، بل هي تمارس دورها المسؤول للمحافظة على صناعة الطاقة العالمية التي تحتاج إلى كثير من العمل المنظم والاحترافي والقيادة الحكيمة والثقة المعززة بحسن النوايا وسلامة الطرح وأحسب أنها الصفات التي أهلت المملكة لقيادة أوبك، وتعزيز دورها وتوسعة نطاقها ليشمل دولاً كبرى كانت من أكثر المنتقدين للمنظمة.