رجاء العتيبي
فعلاً، اللقاءات الشخصية التي انتشرت مؤخراً على قنوات السوشال ميديا وتحديداً (إنستقرام)، هي واحدة من إفرازات الحجر الصحي, وأظنها حالة مؤقتة مرتبطة بظرف الحجر فحسب.
اللقاءات عادة تتم (بتلقائية) و(عفوية) وهي ذات محتوى مكرر ومعاد سواء على مستوى القضايا المطروحة أو على مستوى الضيوف, ولا جديد فيها سوى أنها من مرتبطة بالحجر الصحي.
المادة الإعلامية ليست بذات السهولة, ليست مجرد كاميرا وضيف وحوار, أبداً, المادة الإعلامية فكر وفن وحدث، ومن يأخذها ليقول: (هأنذا موجود) فلن يستمر طويلاً, الإعلام لا يصلح للتباهي ولا للتشخيص, الإعلام ليس حفلة أصدقاء, الإعلام (خطير) قد يحرق ملامح من يسيء التعامل معه.
كادر الفيديو يحتاج لحضور جذاب (photogenic), يحتاج موضوعات جديدة, يحتاج إثارة وتشويق ومواكبه للعصر ومتابعة للحدث, حتى ولو كان على إنستقرام أو سناب تشات، أو قناة أخرى.
أظنها ظاهرة لن تمكث طويلاً, وسيفرز المشاهدون والمتابعون من يصلح ومن لا يصلح, العبرة محكومة بالجماهير (عرض وطلب) وليس مذيعاً يأخذ راتباً في قناة رسمية مجبرون عليه كل يوم.
نحن نؤيِّد السوشال ميديا في إتاحتها الفرصة كاملة لتبدع الجماهير مادتها الإعلامية؛ فهي المعد والمخرج والمونتير, وهي فرصة لم تكن تخطر على بال الأجيال السابقة, ولكن لا يعني هذا أن كل (فاضي) يعمل (قاضي).
وإذا لم يعد الناس لهيئة رقابية, ولا لرئيس تحرير، ولا لمدير تحرير, لا يعني أن تبث مادة مرئية متى ما رغبت, لا يعني أن تقلّد محرري قنوات اليوتيوب أو ناشري السوشال ميديا, المواد الإعلامية ليست قابلة للتقليد فحسب, لأنها مادة معقدة لها مستويات نفسية، وسيكولوجية, وفكرية, كما أنها لها مستويات تتعلّق بالكاريزما والقبول والجديد والتأثير, ليس كل من بث مادة على السوشال ميديا صار (ملهماً) أو صار (مقبولاً) أو صار (له جماهير ومتابعون).
ليس كل من طلب (القبول والجماهيرية) وجدها, لهذا يتعيَّن على الذين يريدون الدخول في هذا المجال أن يقوموا بتجارب ضيِّقة، تجارب صغيرة في حدود محيطهم, ثم يقيموا التجربة بمشاركة أصدقاء قريبين وبعض المتخصصين, فإذا نجحت يمكن أن يكبر الدائرة قليلاً, وهكذا, حتى لا تكون تجربته فاشلة أمام الملأ, لأن ذلك يؤثّر في مسيرة الشخص وتصبح شاهداً عليه، المادة تتحول إلى مادة أرشيفية في سيرفرات السوشال ميديا واليوتيوب. قد تستدعى يوماً لغرض ما.
الإعلام ليس بالأمر السهل, لا تضع قدمك على أرضه إلا عندما تكون (متواسي).