الناطق الرسمي أو المتحدث الرسمي وظيفة مهمة في الجهاز الحكومي وكذلك الخاص. وهو الشخص المكلَّف بإذاعة ما يراه مناسباً من أخبار ومعلومات واتجاهات وقرارات تتعلَّق بالمنظمة وسياساتها ومواقفها المختلفة إزاء القضايا التي تهم المنظمة أو تهم الرأي العام ووسائل الإعلام.
وغالباً ما يشغل هذا المنصب من قبل الأشخاص ذوي الخلفية الإعلامية المختصة بالإعلام، وقد شاهدنا دائمًا ما يتم الاستعانة في البيت الأبيض بالمتحدثين الرسميين ذوي الخلفية الإعلامية كـ إدارة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، حيث تم تعيين ستيفن إيرلي متحدثًا رسميًا، وهو مراسل ليونايتد برس إنترناشونال ومراسل وكالة أسوشيتد برس.
وفي إدارة الرئيس الأمريكي ترومان: شغل منصب المتحدث الرسمي جوناثان جورج دانيلز، وهو الصحفي الذي كان في إدارة الرئيس فرانكلين روزفلت في وكالات متعدِّدة وعلى مختلف المجالس قبل أن يصبح السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، تلاه تشارلز غريفيث روس وهو الصحفي الذي حصل على جائزة بوليتزر في عام 1932.
وفي إدارة الرئيس الأمريكي آيزنهاور: شغل هذا المنصب جيمس هاغرتي، وهو مراسل لصحيفة نيويورك تايمز.
وفي إدارة الرئيس كينيدي: شغل هذا المنصب بيير سالينغر، وهو مراسل ومحرر.
وفي إدارة الرئيس الأمريكي جونسون: تم تعيين جورج كريستيان، مراسل وكالة الأنباء الدولية وتلاه المعلّق في برنامج تلفزيوني بيل مويرز.
وفي إدارة الرئيس الأمريكي فورد: تم تعيين جيرالد تيرهورست وهو من قدامى صحفيي الحرب وتلاه رون نيسين، مراسل ان بي سي نيوز.
وفي إدارة الرئيس الأمريكي ريغان: شغل هذا المنصب لاري سبيكس، وهو صحفي وتلاه مارلين فيتزواتر وهو صحفي أيضاً.
وفي إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش: تم تعيين توني سنو، وهو صحفي مخضرم في قناة فوكس نيوز.
هذه المقدمة أردت أن أبيِّن أهمية منصب المتحدث الرسمي من خلال تخصصه ألا وهو «الإعلام» ولقد شاهدنا في هذه الأزمة «كورونا» ظهور رائع للمتحدثين الرسميين للجهات الحكومية، وبروز عدد كبير منهم كمتحدث وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي والذي كان حالة خاصة ولم يكن ممارسًا للإعلام ولكن تفوّق كثيرًا على عدد كبير ممن يمارسون الإعلام ودرسوه، كان ظهوره رائعًا، وقد أحسن الاختيار معالي وزير الصحة د. توفيق الربيعة، ومعاليه معروف كذلك بحضوره الإعلامي اللافت.
كانت هذه الأزمة اختبار كبير للمتحدث الرسمي في جميع الجهات وكما هو معروف بأن الدور الذي يجب أن يلتزم به المتحدث هو الحضور الإعلامي الجيد ومتابعة مجريات الأحداث، وما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي، والمبادرة وعدم انتظار وقوع الحدث، كما يجب أن يكون المتحدث الإعلامي ملماً بالإجراءات وأن يكون على اتصال وتواصل مع المسؤولين في داخل الجهة والحصول على ما يمكن توفيره لوسائل الإعلام في الوقت المناسب، والتنسيق مع الجهات الأخرى المشاركة لتكون المعلومة أكثر شمولية، فهذا ما كان عليه المتحدث الرسمي الدكتور محمد العبدالعالي، حضور مشرِّف ومطمئن وتوعوي، كان مُلمًا بالأوضاع وواثقًا، رسائله واضحة ودقيقة، وتواقاً حذراً ويملك مهارة التواصل الدائم، والثبات والرزانة وسباقاً ومرناً ومعبراً جيداً.
المتحدث الرسمي وظيفة مهمة لكل جهة، فهي المرآة للعالم الخارجي، وهي تعكس الصورة الذهنية للمتلقي إذا ما كان المتحدث بارعًا من السلبية إلى الإيجابية.
فخور كل الفخر بما شاهدناه خلال هذه الجائحة، و»رب ضارة نافعة» لظهور المتحدثين بالشكل اللائق للجهات، شباب سعودي مشرِّف في قطاعات حيوية مهمة.
فهذا هو المتحدث الأمني لوزارة الداخلية المقدم طلال الشلهوب، أبدع في طرحه، وأوجز في معلومته، مما جعل المواطن يعي المحذور، ويعلم بالمسموح، مما يجنبه الوقوع في الخطأ.
كذلك المتحدث الرسمي لوزارة التجارة الأستاذ عبدالرحمن الحسين الذي كان متألقاً في ظهوره، مطمئناً المواطن على وفرة المخزون الغذائي وسلامته، وكذلك صرامة الإجراءات المتخذة في سبيل ذلك.
ولا ننسى تعاون المجتمع مع الجهات وفهمهم ووعيهم لخطورة الوضع خلال هذه الجائحة، حقًا كان الجميع يطبّق «#كلنا_مسؤول».