القرارات الأخيرة التي أعلن عنها من الجهات المختصة في الدولة أفرحت كل صغير وكبير، ذكر أم أنثى، بل إنها زفت البشرى السعيدة للشعب بأكمله. هي تعبر عن تفاؤل بالخير وأمل كبير بخالق السموات والأرض أن يزيل هذا الفيروس عن سمائنا والعالم أجمع. وبالطبع يقف خلفها (أي هذه القرارات) خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الحريص على شعبه الوفي، حيث يتألم لألمه وترق عيناه دمعاً لفرحه وتحزنان لحزنه، لا يشغل مقامه الكريم شاغل إلا الوطن وهمومه في كل زمان ومكان، فالمملكة العربية السعودية هي قلب سلمان النابض.. بل سلمان الحاني.. وهو بلا شك الملك الغالي.
الساعد الأيمن والأمين للملك الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد هو الوجه الآخر لهذه المعادلة الوطنية المشرقة وامتداد لها، فكان متابعاً لمستجدات فيروس كورونا بكل دقة، وأعطى القطاع الصحي خصوصاً دعماً كبيراً وكذلك الجهات الحكومية على وجه العموم حسب إشادة معالي وزير الصحة النشط توفيق الربيعة في كلمته الأخيرة. وهذا ليس بغريب على سموه الكريم الذي بشّر بخير في كلمته اللافتة والتي هنأ فيها منسوبي وزارة الدفاع بمناسبة حلول عيد الفطر. وجاء ضمن هذه التهنئة قوله لهم: «لكن الظروف السيئة -إن شاء الله- تزول، ونحن مقبلون -إن شاء الله- على خير دائمًا بهمة رجال المملكة العربية السعودية سواء عسكريين أو مدنيين، وعيدكم مبارك، -وإن شاء الله- ينعاد علينا بسنين مديدة وبأحوال أفضل -إن شاء الله- دائمًا من سنة إلى سنة».
مراحل أربعة أقرتها الدولة التي هي عبارة عن «خارطة طريق» متوالية تاريخياً سوف تقودنا -بإذن الله- إلى العودة للحياة الطبيعية التي كنا نعيشها ما قبل «فيروس كورونا المستجد». كل هذه أثلجت صدور المواطنين والمواطنات والمقيمين والزائرين ممن يعيشون ويتواجدون على تراب هذه الأرض الغالية.
هي قرارات مفرحة فعلاً عندما سمحت الدولة -أعزها الله- بافتتاح دور العبادة وإقامة صلاة الجمعة والصلوات الخمس في كافة مساجد وجوامع المملكة، وتم استثناء منطقة مكة المكرمة منها حتى إشعار آخر. ولم تغفل وزارة الشؤون الإسلامية إجراءات السلامة داخل هذه الأماكن بتطبيق بعض الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها لحماية المصلين بعد الله وللحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.
من ضمن تلك القرارات جاء الإعلان عن تخفيف القيود على حركة الناس وتنقلاتهم والسماح لهم بالسفر بين المناطق، وكذلك استئناف الطيران الداخلي وأنشطة التجارة للجملة والتجزئة وغيرها حتى نصل إلى اليوم المنتظر وهو التاسع والعشرون من شوال والذي فيه سيتم إلغاء حظر التجول، والتجول بعدها بحرية تامة، والجميع ينتظر هذا الموعد بكل لهفة وشوق.
إن التعايش مع هذه الجائحة تتطلب مثل هذه القرارات الجريئة والحانية من الدولة لمواطنيها ومقيميها ولكنها في الوقت نفسه تراهن عليهم لأن الغالبية منهم أصبحوا على درجة عالية من الثقافة والوعي والإدراك للتعامل الأمثل مع كل التعليمات الصادرة والتقيد بها حفاظاً على سلامتهم وسلامة ذويهم وأفراد مجتمعهم، وبالتالي تمكن الأهمية الملقاة على عاتق هؤلاء بأننا يجب أن نتلافى العودة إلى المربع الأول أو التفكير فيه. وفي المقابل إن عدم تقيدنا أو عدم حرصنا سوف تكون الوطأة أشد وأقسى. فلا يجب أن نتعامل مع كلمة «تباعد» على أنها مجرد كلمة تقال يتردد سماعها فقط، بل أن تطبق لكي تكون واقعاً معايشاً يجب أن نلتزم به مع باقي الاحترازات الوقائية الأخرى كوضع الكمامة على الوجه وارتداء قفازي اليدين وضرورة التعقيم بعد غسلهما جيداً والابتعاد عن التجمعات وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى وغيرها.
هذا هو المنطق الصحيح قولاً وفعلاً للوقوف بحزم ضد هذه الجائحة التي ربما بدأت تتقهقر، ولكن الحذر واجب مع إبقاء الوعي حياً، هما ضرورتان لما لهما من أهمية قصوى زماناً ومكاناً، فالخطر لا يزال يلوح في الأفق. لذا لنبتعد عن إيذاء أنفسنا وغيرنا. وبتعاوننا الحضاري جميعاً مع كل الإجراءات والتعليمات والرسائل المهمة التي تصلنا من الجهات الرسمية عبر مختلف الوسائل سوف نكتب بأيدينا نهاية مسلسل هذه الجائحة، بل سوف نقطع لـ(كوفيد- 19 المستجد) تذكرة خروج نهائي لا رجعة فيه -بإذن الله.
لكن هناك شيء مؤلم يجب الإفصاح عنه وهو أن هناك البعض -هداهم الله- يتعاملون مع هذا الفيروس بكل استهتار ويغفل عن الاهتمام بصحته وينسى نفسه وكأنه لا يعيش فيما بيننا، بل وكأنه لا يسمع عن شيئ طارئ، ولا يرى خطراً محدقاً، لا يعترف بكمامات ولا قفازات ولا تباعد اجتماعي ولا يدرك ما حوله من مستجدات فرضها هذا الفيروس اللعين فيمارس خطورة أخرى لا يحمد عقباها ليس على نفسه وحسب بل حتى على الآخرين؟!!. هذا التصرف لا يزيد الأمر إلا سوءاً ثم يقع الفأس في الرأس -لا سمح الله؟.
حتى هذه اللحظة لم يجد العالم عبر أبحاثه الجارية التي يقوم بها على قدم وساق لقاحاً فعالاً مضاداً لفيروس كورونا المستجد. لقد حيّر هذا الفيروس العلماء وخبراء الأوبئة ولا تنفع معه المضادات الحيوية مهما كان نوعها. بل إن هناك تجارب فشلت وعلاجات أعطيت لمرضى هذا الفيروس ثبت طبياً أنها لم تكن ناجعة كـ علاج «هيدروكسي كلوروكين» الذي أوقفت جمهورية فرنسا استخدامه مؤخراً، وقامت بلجيكا هي الأخرى بتعليق العمل به.
«كوفيد- 19» سريع الفتك معدٍ ومدمر، حقق أرقاماً مذهلة عندما غزا كوكب الأرض بأكمله قبل (100) مائة يوم مضت، فهناك 5 ملايين و505 آلاف و307 إصابات في العالم، وتوفي بسببه 346 ألفاً و188 شخصاً من الجنسين.
لذلك، فالدولة ممثلة برأس هرمها وسمو ولي عهده وجيشها الأبيض تساعدنا وتقف إلى جانبنا.. تهتم بصحتنا وتفرض علينا قيوداً لا طاقة لنا بها ولكنها في المجمل في صالحنا وصالح أبنائنا وكل من يعز علينا، بسبب هذا الفيروس وما سببه من تداعيات على حياتنا جميعاً وأثر اجتماعي واقتصادي مع باقي دول العالم الأخرى.
ختاماً: هذا الفيروس الصغير المستجد الذي لا يُرى بالعين المجردة» وحده أثبت للعالم أجمع في مفارقة غريبة لم يسع لها ولكنها حقيقة موجودة وكأنه يذكرنا بها، وهي أن بني آدم الذي كرمه الله بعد ما أوجده من العدم في أحسن تقويم، وآمنه من خوف، لن يستطيع أن يستغني عن وطنه وأهله، ولا عن نعم الله سبحانه التي لا تعد ولا تحصى وفي مقدمتها الصحة والسلامة والعافية ومعها نعمة الأمن والأمان التي يشعر بها، ثم أصبح يبحث عنها عند حدوث مثل هذه الظروف الصعبة كجائحة كورونا التي هزت العالم بأسره. إنه فضل لو تعلمون كبير.
دعاء: «ربي سألتك أن تكون خواتمي أعمال خير في رضاك إلهي».