م. بدر بن ناصر الحمدان
لطالما حاولت أن أحاور ذلك العاشق الذي بداخلي لكي أسأله عن كل هذا الحب لأهل الحجاز، لكنه في كل مرّة يحاول أن يقتفي أثر العودة إلى ذلك الداخل ثم يتوارى، وأبقى في حيرة من أمري، لما هذا الجسر الذي يقودني من الرياض إلى الحجاز في كل حديث عن الحياة المسكونة بجمال لا يشبهه أحد..!
أنا «نجديّ الهوى»، وعلى سبيل الأمنيات أجدني مفعماً بكل ماهو «حجازي» على تلك الأرض المتاخمة للساحل الغربي، حيث الأناقة في كل شيء، «حديثاً»، و»سمعاً»، و»بصراً»، وأسلوب عيش يهتم بكل تفاصيل الإنسان، «سلوكاً»، و»ثقافةً»، و»أدباً»، كما لو كان خُلق ليحيا في كنف ذلك المكان، ولسان حاله يقول: «هذا الحجَازُ سَكبْتُ فيهِ مَحَبَّتي ،، فَتَناغمَتْ أرجاؤهُ ألْحَانا».
العلامة الفارقة في الإنسان الحجازي ومجتمعه، أنه استطاع أن «يفهم الحياة» بكل أبعادها، لذا كان ولازال قادراً على أن يقدم نفسه كتجربة حياة «استثنائية» مختلفة، ومتنوعة، وأكثر تعايشاً، وانفتاحاً على الآخرين، ثمّة «روح» تُميّز هذا المجتمع عن غيره، كانت وراء صناعة ثقافة عيش «بسيطة» في صورتها، لكنها «عميقة جداً» في ما تمتلكه من قيم وأخلاق ومبادئ إنسانية تتحكم في إدارة أفراده.
ثقافة الحياة الحجازية كجزء من تركيبة المجتمع السعودي بكل مكوناته، تمثل واجهة مشرقة كمثيلاتها من مناطق المملكة، هذا الوطن الكبير الحاضن لمجتمعات تختلف في عاداتها وتقاليدها ونمط عيشها، وتتفق على كونها منظومة موحّدة، وعمق لحضارة سعودية كانت ولا زالت وستبقى عنواناً لهذه الوحدة الوطنية، كما وصفها غازي القصيبي رحمه الله: «أجل نحن الحجازُ ونحن نجدُ،، هنا مجدٌ لنا وهناك مجدُ».