وفقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، تتسبب الأمراض في معاناة 600 مليون شخص، بما يعادل حوالي 10 في المائة من سكان العالم ويموت منهم 420.000 ألف شخص بعد تناول الغذاء الملوث بالبكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات أو المواد الكيميائية، وثلثهم من الأطفال دون سن الخامسة. على الرغم من إمكانية التحكم بالأضرار أو خفضها أو حتى منعها تمامًا.
وتصف الأمم المتحدة الغذاء غير الآمن بأنه تهديد لصحة الإنسان وإعاقة للتنمية والتطور في دول عديدة، وإذا كان الغذاء غير آمن فسوف تتضرر الصحة كذلك؛ فالغذاء الآمن والصحة المأمونة وجهان لعملة واحدة.
وقد فوضت الأمم المتحدة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية، وهما تابعتان لها، لتوجيه الجهود الرامية إلى تعزيز سلامة الغذاء حول العالم بحيث تقوم هاتان المنظمتان بتوحيد الجهود لمساعدة البلدان على منع وكشف وإدارة المخاطر المنقولة بالغذاء والاستجابة لها في جميع مراحل السلسلة الغذائية من الإنتاج إلى الاستهلاك.
وتأكيدًا على الاهتمام المتزايد بسلامة الغذاء وضمان مأمونيته لكل مستهلك، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2018م إعلان 7 يونيو بالإجماع يومًا عالميًا لسلامة الغذاء من كل عام. وبدايةً من العام الماضي 2019م، بدأ الاحتفال به ويصادف اليوم الاحتفال العالمي الثاني. وتهدف الأمم المتحدة من هذا الاحتفال السنوي إلى لفت الانتباه وتحفيز الإجراءات للحصول على غذاء أكثر أمانًا وتشجيع الممارسات التي تساعد في التحكم بالأمراض المنقولة بالغذاء، والإسهام في الأمن الغذائي، وصحة الإنسان، والازدهار الاقتصادي، والزراعة، والوصول إلى الأسواق، والسياحة واستدامة التنمية. فقد أصبحت سلسلة الإمداد الغذائي أكثر تعقيدًا في هذا العالم، ويمكن لأي حادث يتعلق بسلامة الأغذية أن يكون له تأثير كارثي على الصحة العامة والتجارة والاقتصاد. فالغذاء قد يصبح ملوثًا في أية مرحلة، لذلك يجب على الجميع اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على سلامة الغذاء.
تحتفل الحكومات اليوم بقطاعاتها المختلفة المعنية بالغذاء وسلامته في جميع أنحاء العالم لتعزيز الإجراءات الجماعية والفردية لضمان إمدادات غذائية آمنة.
ويصاحب هذا الاحتفال حملة موجهة تحت شعار «سلامة الغذاء مسؤولية الجميع»، تهدف إلى تعزيز الوعي العالمي بسلامة الغذاء، وتدعو الدول وصناع القرار والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومنظمات الأمم المتحدة وعموم الناس لاتخاذ المزيد من الإجراءات. سواء كنت صاحب مزرعة أو عاملًا فيها أو موردًا زراعيًا أو مُصَنِّعًا غذائيًا أو ناقلًا للغذاء أو مسوقًا له أو بائعًا أو مستهلكًا أو مشَرِّعًا. فبدون سلامة الغذاء لا يوجد أمن غذائي.
بالإضافة إلى ذلك، وضعت الحملة خمس دعوات للعمل من أجل إحداث فروق جوهرية في سلامة الأغذية، وتتلخص تلك الدعوات فيما يلي:
أولًا: يجب على الحكومات أن تضمن الغذاء الآمن والمغذي للجميع من خلال الامتثال للمعايير الدولية التي وضعتها هيئة الدستور الغذائي.
ثانيًا: يحتاج منتجو الأغذية والمزارعون إلى تبني ممارسات جيدة.
ثالثًا: يجب على أصحاب المنشآت التأكد من أن الغذاء آمن عن طريق تطبيق القواعد والتوجيهات من الإنتاج الأولي إلى الاستهلاك النهائي.
رابعًا: لجميع المستهلكين الحق في الحصول في غذاء سليم وصحي ومغذ.
خامسًا: هناك حاجة إلى التعاون على مستويات عديدة بين القطاعات الحكومية المعنية فيما بينها من ناحية وفيما بينها وبين مؤسسات القطاع الخاص من ناحية أخرى داخل الدولة وخارجها، لأن سلامة الأغذية مسؤولية مشتركة.
ولمساعدة الدول، توفر هاتان المنظمتان على موقعهما الإلكتروني وبعدة لغات كلَّ المعلومات والمواد اللازمة لتنفيذ الحملة والتوعية بهذا اليوم، فقد وفرت كتيّب الحملة ويحتوي على الأدوار المختلفة لكل شخص وكيف يمكن أن يُسهم في هذه الحملة. ووفرت كذلك الملصقات التي تحمل شعار الحملة للترويج لها في الأماكن المختلفة. إضافة إلى الدليل الخاص بتنفيذ الأحداث والفعاليات وبعض المواضيع والأفكار المصاحبة لاختيار ما يناسب منها وتنفيذه خلال اليوم العالمي أو الأيام القليلة التي تسبقه. ولظروف جائحة كوفيد-19 هذا العام ستكون الأنشطة افتراضية لتحقيق التباعد الاجتماعي مثل الندوات الإلكترونية وحلقات النقاش عبر الإنترنت والمقابلات مع الخبراء والمتخصصين واستخدام وسائل التواصل المختلفة، والمجال مفتوح لتبتكر الدول فعاليتها الأخرى المناسبة لها.
وقد تحدَّث الأمين العام لمنظمة الأغذية والزراعة مؤخرًا في كلمة مقتضبة حول الاحتفال بهذا اليوم وسلط الضوء في حديثه على جائحة COVID-19 التي نمر بها الآن ودور العاملين في مجال الصناعات الغذائية الذين يعملون بلا توقف لتوفير غذاء آمن كي لا تتعطَّل الإمدادات الغذائية خلال هذه الجائحة ووصفهم بأنهم أبطال حقيقيون يستحقون التكريم.
واحتفالاً بهذا اليوم قامت العديد من الجهات بتنظيم فعاليات مختلفة للمشاركة، وعلى سبيل المثال فقد أطلقت منظمة الفاو مسابقة سلامة الأغذية للشباب الذين تبلغ أعمارهم 30 عامًا أو أقل للمشاركة بالصور والملصقات ومقاطع الفيديو بهدف التعرّف على أفكار الأجيال الشابة حول مواضيع سلامة الغذاء. وبإمكانهم الاختيار بين مواضيع متعددة مثل غسل اليدين، مواصفات الأغذية، والاحتيال الغذائي، والتلوث الميكروبيولوجي، والتلوث الكيميائي، والتجارة الإلكترونية وعمليات توصيل الطلبات الغذائية، أو تغيّر المناخ. ويجب أن تحتوي المشاركات على مواضيع سلامة الغذاء أو المشكلات المتعلّقة به على امتداد السلسلة الغذائية المستوحاة من الحياة اليومية، واقتراح الحلول لها. وستمنح الشهادات للجميع، وستتاح الفرصة للفائزين لحضور المؤتمر الإقليمي لسلامة الأغذية في تايلاند، والتحدث أمام خبراء سلامة الأغذية.
أما منظمة الشراكة من أجل التثقيف في مجال سلامة الأغذية Partnership for Food Safety Education فقد طلبت ترشيح أحد أبطال سلامة الغذاء المعروف لديك وتعرفه بحرصه في تحقيق متطلبات السلامة، وإرسال فيديو قصير أو صور له لإنتاج قصة لهذا الشخص ومشاركتها على أكثر من وسم على موقع تويتر تقديرًا لهم.
وتستضيف مجموعة Inside Sharing Knowledge طيلة اليوم العالمي على الإنترنت فعاليات مجانية تشمل مقابلات لبعض كبار خبراء سلامة الأغذية في العالم للحديث عن التحديات والتجارب الناجحة للشركات الخاصة والمنظمات الرائدة. وكذلك ورش عمل عن الأنظمة الحديثة لإدارة سلامة الغذاء والاحتيال في الغذاء، والإصدارات الحديثة لبرامج تطوير سلامة الغذاء وكذلك حول آليات دعم متخصصي سلامة الأغذية في إدارة وتطوير المخاطر التنظيمية.
وهكذا تحتفي الدول والمنظمات والهيئات باليوم العالمي لسلامة الغذاء. وتسعى إلى استثماره في نشر ثقافة سلامة الغذاء وتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية، اعترافًا منهم وتأكيدًا على الاهتمام المتزايد بسلامة الغذاء وضمان مأمونيته لكل مستهلك.