د. محمد عبدالله الخازم
كتبت في المقال السابق عن العودة للجامعة بعد جائحة كورونا وأشرت إلى احتمالات التعليم الممكنة؛ عن بعد بالكامل أم حضورياً بالكامل أم بين هذا وذاك. ورأيت حاجتنا إلى معرفة قرارات الجامعات واستعداداتها المستقبلية في هذا الشأن. ردود الفعل أكدت لي أن أغلب أعضاء هيئة التدريس والطلاب لا يعلمون كيف ستكون العودة وكيف يستعدون لها. أخشى مما قاله أحدهم؛ الإجازة بدأت، فلننس الموضوع حتى تأتي توجيهات الوزارة وفي الخريف يحلها حلال!
الجامعة تمثّل مجتمعاً يصل تكوينه إلى عشرات الآلاف من الطلاب والأساتذة والموظفين والمستفيدين، لذلك تحتاج استعدادات منظمة وعالية المستوى تسبق العام الدراسي. هنا بعض نقاط الاستعداد على سبيل المثال:
* المرض حاصل ولا يتوقّع أن يعود آلاف الطلاب والموظفين وجميعهم سالماً منه. يجب إيجاد مركز (مراكز) صحي داخل الجامعة مع تجهيزاته، لفحص أكبر قدر من منسوبيها وللتعامل مع الحالات التي تكتشف. مع ربط المركز بالمستشفى الجامعي أو أقرب مستشفى/ مركز صحي، وترتيب آليات نقل المصابين بطريقة آمنة.
* يجب تجهيز متطلبات التعقيم للمعامل والقاعات والمكاتب وكذلك تجهيز عمالة للقيام بذلك - وفق التوصيات الصحية- وفي أوقات مناسبة خارج أوقات الذروة الدراسية.
* يجب إصدار دليل التباعد الاجتماعي في القاعات الدراسية والمعامل والمكاتب وعلى ضوئه تحدد أعداد الطلاب بكل شعبه وكل معمل. وفق الدليل يجب تجهيز المتطلبات اللازمة من حواجز حماية مثلاً أو تغيير ترتيب القاعات أو تركيب وسائل فحص حرارية ... إلخ
* في حال استمرار الجائحة يجب تحديد المواد التي ستدرس عن بعد وتلك التي لا غنى عن حضور الطلاب لها كلياً أو جزئياً؛ مواد نظرية مقابل علمية أو معملية.
* يجب توفير الكمامات والمعقمات وغيرها من وسائل الوقاية لمجتمع الجامعة، باعتبارها مسؤولة عنهم.
* هناك أخطار صحية يخشى أن تعقد التعامل مع الفيروس الطارئ، مثل الإنفلونزا، على الجامعات استشعار الأخطار وتوفير الوقايه واللقاحات اللازمة.
* هناك الملاعب والمقاهي والمطاعم والسكن الطلابي والخدمات الأخرى، يجب تهيئتها بشكل مناسب وفق متطلبات الوقاية والاحتياطات المطلوبة. وكذلك الإعلان عن أي خدمة سيتم إيقافها أو تعديل متطلباتها..
تلك بعض الأفكار والأساتذة أعرف بمؤسساتهم واحتياجاتها، لذا نؤكد أهمية التواصل معهم والإعلان بشفافية عن الخطط وما تم اتخاذه من إجراءات. هناك حاجة لعقد اجتماعات - لتكن افتراضية- بين مدراء الجامعات وأساتذتها لمناقشة الأوضاع والتوجهات والاحتمالات بدلاً من البقاء رهن مفاجآت ما بعد الصيف. ومثلها المجتمع؛ طلاباً وأولياء أمور، يحتاج معرفة ما يدور. إن لم يظهر قادة الجامعات في مثل هذه الظروف فمتى نراهم؟ لماذا يتوارون عن مجتمعهم خلف المتحدثين الرسميين أو خلف مقام وزارة التعليم التي تستهوي التصريح باسمهم ونيابة عنهم؟
من حق الأستاذ الجامعي أن يعرف آليات العودة ليجهز لها كما يجب، سواء حضورياً أو عن بعد. كما هو حق الطالب مستجداً أو قديماً معرفة جدوله والمواد التي سيدرسها حضورياً أو عن بعد وهل سيسكن في الجامعة أم خارجها. المعرفة وتبادل الآراء بشفافية تساعدنا في السير نحو المستقبل بحماس واطمئنان وبصيرة....