د.عبدالعزيز العمر
لم تعد وظيفة المدرسة إعداد الطلاب اليافعين لمواجهة تحديات ومتطلبات حياتهم المستقبلية، بل أصبحت وظيفة التعليم جعل المدرسة وما يجري فيها من أحداث ومناشط صورة صادقة للحياة الحاضرة التي يعيشها الطلاب خارج مدرستهم، وهذا يتطلب من المدرسة أن تشرك طلابها في ممارسة تجارب حياتية واقعية تكسبهم القدرات والمهارات التي تجعلهم أقدر على مواجهة تعقيدات واقعهم الحياتي والتفاعل معه بأفضل فاعلية ممكنة. وفي السنوات الأخيرة خطى تعليمنا خطوات جيدة نحو محاولة ربط ما يجري في المدرسة من برامج ومناشط تعليمية بالواقع الحياتي للطلاب خارج المدرسة، وذلك من خلال تطوير مناهج جديدة، واستخدام أساليب تعليم إبداعية لتوصيل محتوى تلك المناهج إلى عقول الطلاب. وفي هذا الشأن أتذكر تجربة نفذتها إحدى المدارس الغربية في مجال تدريس مقرر التربية الوطنية. في هذا المقرر يتم تعريف الطلاب بالمؤسسات الدستورية لحكومة بلادهم، وبالنظم الحاكمة لعمل تلك المؤسسات الدستورية، كما يتم تعريف الطلاب بحقوقهم المشروعة، وبكيفية الحصول عليها عن طريق التحاكم. ولهذا الغرض أنشأت المدرسة محكمة طلابية وفق المواصفات المعروفة للمحاكم، ووضعت لها نظاما يضبط عملها، وفي هذه المحكمة تجري محاكمة حقيقية للطلاب الذين يخترقون لوائح وتنظيمات المدرسة، ويكون الطلاب أحيانا هم القضاة بلباس القضاة المعروف، وهم المتهمون (مقيدون) أو المحلفون في أحيان أخرى. وبحسب لائحة المحكمة فإن المدرسة ملزمة بتنفيذ ما يتخذه قضاة المحكمة من قرارات (طبعا المدرسة تراقب من خلف ستار أحداث المحاكمة). ومن الطريف أن الطالب قد يكون يوما قاضيا حقيقيا (ليس تمثيل) في المحكمة الطلابية، وقد يكون متهما حقيقيا أو محلفا في يوم آخر.