د. حسن بن فهد الهويمل
ما أكتبه عن تكوين مكتبتي مواجيز مقتطفة من (السيرة الذاتية) التي أنتهب الخطى لإنجازها قبل عوارض الزمن.. لقد عايشت مكتبتي معايشة الأم لرضيعها، لا يند عنها منه شيء، في نظري، وحسب خبرتي لا شيء أثقل على الإنسان من معالجة أوضاع الكتاب، إنه كالرجل المعاق، يُحمل، ويُخدم الكتاب يحتاج إلى مكان تتوفر فيه كل الاحتياطات، من صيانة، وسلامة. كما أن الكتب تحتاج إلى ترتيب معين، يسهل معه الوصول إليها، والمثقف يحتاج إلى متابعة النشر، في العالم العربي لأن الطبعات تنفد بسرعة، والجادون قد لا يطبعون إلا ألف نسخة إلى ثلاثة آلاف، والمستجد المعرفي كالفرصة، لا يطرق الباب أكثر من مرة واحدة وإذا فاتتك الطبعة الأولى فاتك شيء كثير، ولم يكن إذ ذاك إمكانيات الحاضر، كالتصوير، والمكتبة الرقمية.
لقد كنت كثير الأسفار لكافة الدول العربية، ممثلاً لدولتي، أو لنفسي، وبخاصة في معارض الكتاب، سافرت إلى «العراق» ست مرات لحضور «المرابد» أيام حكم (صدام) -عفا الله عنا، وعنه-.. وفي كل مرة أعود منه أحمل معي مئات الكتب النادرة، ولي معها، ومع الكتبيين هناك، والرقيب على المنافذ حكايات طريفة سأبسط القول عنها في (السيرة الذاتية).. من المؤذي في قضية التكوين عبث الناشرين، وخداع العناوين، وتغيير تسميات الكتب، وسرقة الحقوق، وتشويه الطباعة.
كنت ذات فترة مهتما بـ(الأدب الإسلامي) أحضر لرسالتي (النزعة الإسلامية) وسمعت بصدور كتاب (خصائص شعر المخضرمين) فراسلت جهات عدة، ولقيت العنت ووصلتني بعد لأي ومشقة نسختان، ولما اطلعت عليهما اتضح لي أنه كتاب (شعر المخضرمين وأثر الإسلام فيه) للجبوري، ولما لقيته بعد أمة وعاتبته، قال: هذا فعل الناشرين السارقين. و(الطنطاوي) هو الآخر يشكو من سرقة كتبه، وطباعتها. ودعك من دعوى تحقيق المخطوطات وطباعتها، وهي تحقيقات على مطبوعة سابقة، حتى لقد اتهم كبار المحققين في ذلك. قال لي أحد الزملاء: إنني رأيت أحد المحققين الكبار يُجري تعديلات على مطبوعة هندية، وبعد مدة صدر الكتاب من بيروت على أنه تحقيق على مخطوطات أصلية، وكل الذي عمله أنه تعرف على المخطوطة التي ادّعى التعويل عليها عن طريق كتاب (بروكلمان) ودعك من الترجمات التجارية من متدربين لا يفقهون، عمدتهم القواميس.
تلك بعض المصاعب، وما خفي كان أعظم.. وللحديث بقايا..!