تمادى وبإصرار أن يعاود سلب عقولهم، أن يحرفهم، تعاطى كتب سحر وشعوذة؛ لم تكن وقعت عليها عيناه من قبل؛ بدأ يرعبهم، وبأمل ماجنٍ لعله يعيدهم إلى سيرتهم الأولى.
عبثت كتب السحر بعقله على نهج ضال؛ حاول جاهدًا أن يطوِّر خططه لمعاودة امتصاص دمائهم، وانتهاك أعراضهم، ظانًا أنهم تواقون لماضٍ تسيَّدهم فيه الجهلُ، وعدُّوه حكيم قريتهم، في وقت كان يلهو بوجدانهم ويوجِّه عواطفهم.
لم يفطن أن إيمانهم سيئد تأثيره؛ مهما طوَّر أساليبه، بقي الظنُّ البائس يُمَنيَهُ أن ما يزمع عليه من سحر سيخترق جدار تقواهم، وسيدر عليه ثروة تعوِّض خسارته بعد أن جفَّفَ إيمانهم مداخيله. ظل قابعًا في كهف فجوره، عاكفًا على مجون ضلاله، وبأحد الأيام؛ ارتقى صهوة غرفة متهالكة أوهمهم أنه يمتطي سحابة؛ وقد سحر أعينهم، ووضعهم في امتحان صعب.
ثبتوا على هدايتهم، كانوا يرددون أذكارًا، يرفعون أكفهم توقًا إلى الخلاص منه؛ أمعن في غيِّه، وفسوقه، وفيما كان يردِّد على مسامعهم : سأحبس عنكم المطر، حلقّت فوقه سحابة تحتضن الخير، تبتلع شرور بشر، وتكشف زيفه.
لم يعِ أن سحابة مسيَّرة إلى حيث أرادها المُغِيث؛ بِشارة سقيا أراضٍ زراعية ضامها الجدب، ظل يتراقص فوق هام غرفته، أخذ الزهو منه مأخذه، فاستجاب الله لهم؛ زادهم تثبيتًا، فأبطل سحره، وبلمح البصر صعقه برقٌ؛ صيَّرَ جسده كتلة فحم.
** **
محمد المنصور الحازمي