المتنبي وضع السؤال: بأي حال عدت يا عيد؟ ... ولا أظنه قد خطر بباله أن يأتي زمان يتساءل فيه البشر: هل ستعود يا عيد ولو بأسوأ حال؟
العيد جماعي وليس فردياً! ... نعم، قد تكون قد أتممت صيامه وقيامه منفرداً، ولكن من المستحيل أن تشعر بعيده منفرداً، حتى لو كان لديك كل أجهزة التواصل الاجتماعي. وإذا خطر ببالك فكرة مجنونة مثل «كسر الحجر الصحي» فستشعر أن كورونا يقف لك بالمرصاد عند الباب! وإذا «تناسيت كورونا»؛ واستجمعت قواك البدنية والعقلية؛ وقرّرت الخروج من العزل؛ هل تضمن أن الآخرين سيفعلون نفس الشيء كي يكون العيد عيداً؟ وإن فعلوا؛ فهل سيكون ذلك عيداً لكم أم لكورونا؟
سمعت عن أناس يلتفون حول الذبائح في فطور العيد وغدائه وعشائه! وكأنهم ينتقمون من شهر نظفت فيه أبدانهم من «بعض» الزوائد الدهنية؛ ليستعيدوا أمجاد «الكروش» العظيمة! فهل ستكون تلك الذبائح مأدبة لكورونا؟ وإذا تجاوزنا كل المحاذير، فكيف ستشعر بفرحة العيد مع من فقد عمله أو مصدر رزقه بسبب الحجر الصحي أو الانهيار الاقتصادي العالمي؟
تؤكد معظم الأبحاث العلمية حول العالم أن كورونا ليس صناعة بشرية، ولكنها في الوقت ذاته تؤكد أن الاحتباس الحراري لا يدمر «البيئة» وحسب، إنما يصنع البيئة الحاضنة للأمراض المستعصية! وهذا معناه أن الحفاظ على البيئة ليس خياراً، إنما هو ضرورة للحفاظ على الحياة. وإذا كانت المافيا الرأسمالية لا تكترث لحياة البشر، فلا بد من إيقافها! ولكن كيف؟
قبل كورونا كانت الأزمات متوالية خلال العقد الأخير كله. وكلما خف التوتر في أزمة ما، دخلنا في أخرى أعنف منها. ونسمع كل يوم أصوات العقوبات والتهديدات التي تنذر بحرب نووية لا تبقي ولا تذر! وقد يكون ذلك كله تهويل كما يرجح بعض المراقبين، ولكن شرارة واحدة - ولو عن طريق الخطأ- ستؤدي لإبادة الحياة على الأرض!
الغريب أن الصين وروسيا كانتا تمدان أيديهما لأمريكا وأوروبا الغربية من أجل إنقاذهما من الانهيار المدوي. فلو حصل سيتضرر الجميع بما في ذلك روسيا والصين. وتحدث البعض عن مؤتمر يالطا جديد، يعيد إنتاج العلاقات الدولية، ولكن الرأسمالية المتوحشة تفضل الانهيار المدوي على اتفاق تقدم من خلاله بعض التنازلات. أي تعمل بمبدأ: ولتكن الكارثة علي وعلى أعدائي! فهل يبقى بعد ذلك «عيد في العيد؟».
** **
د. عادل العلي