ما يزال العالم أمام الثورة الرقمية يواصل سن القوانين التي تسعى إلى ردم الفجوات المتتالية بين ثورة الرقمنة والتدفق اللا محدود من المحتوى، بدءًا بالقوانين المنظمة، وانتهاء بسن العقوبات، الخاصة بالمُنتِج والمُنتَج والسوق والمستهلك، إذ شكلت سمة «الإتاحة»، بوصفها إحدى السمات الاتصالية لهذه الوسائط مظلة تكنولوجية يتفرع منها عشرات السمات، عبر الفضاء الرقمي، إذ اتخذت دول العالم وخاصة المتقدمة سن أشد وأضخم العقوبات بمختلف مستوياتها التي تعد أحد أشكال المواجهة العملية لطوفان الرقمنة اللا متناهي.
ولما تتيحه الرقمنة لكل من لا وسيلة له ولا وسيط، كان من الطبيعي أن يعم طوفان إنتاج المحتوى المتاح كل من لا إنتاج له، ما جعل من مظاهر (الإتاحة)، بذرة إلكترونية لشجرة رقمنة تشعبية تفاعلية كوكبية، تفرز الكثير من المظاهر المتنامية لهذه الوسائط، كان من أولها على المستوى المعرفي التسطيح، وعلى المستوى الجماهيري، ظهور موجة المشاهير، وغيرها من المظاهر التي لا بد وأن تكون محط أنظار البحث والدراسة، من قبل الهيئات ومراكز الأبحاث والدراسات، والجامعات، لاستقراء أعماق هذه الظواهر، واستشراف مآلاتها، للإفادة بعد ذلك مما ستتوصل إليه نتائج بحث هذه الظواهر من ترشيد، وإرشاد للجهات المعنية ذات العلاقة بالتنظيم، وسن النظام.
وعبر هذا المد من الإشكاليات، ما تعج به شبكات التواصل الاجتماعي، ممن قدموا أنفسهم عبر منصات، وقنوات، بأنهم «باحثون في التراث الوطني»!، و»مهتمون بتاريخ المملكة»!، ممن لا تتجاوز مؤهلاتهم العلمية سوى قضاء وقت الفراغ، ولا يملكون من منهجيات البحث سوى البحث مسل من هنا وهناك، ولا أدوات غير أداة تغطية «إفلاس» الشهرة، بمغلفات معرفات نعوت!.
* إلى أولئك المستهترين:
إلا ذاكرة الوطن!
** **
محمد المرزوقي