خالد الربيعان
وضع رجل الشرطة ركبته فوق رقبة مواطن «أبيض» البشرة، ركِّز يا عزيزي، والأفضل إحضار «دلة قهوتك» معك!، المهم اختنق صاحبنا وقال له «لا استطيع التنفس» ثم مات، فهل كنا سنرى ما رأيناه؟! لا أعتقد، بنسبة 90 في المائة ستجد الإعلام يتحدث عن «مقتل مدني بواسطة شرطي» أو «الشرطة تقتل رجلاً....»!، تغيَّر لون البشرة فأصبح العنوان «الشرطة الأمريكية تقتل رجلاً أسود»!
العالم يتعامل مع الرجل الأبيض على أنه «الإِنسان»، «البشرية»، وما عدا ذلك: «غريب ونادر واستثناء»، ضع تحت ركبة الشرطي مثلاً رجلاً يابانيًا، ستجد الأخبار تقول «الشرطة تقتل مهاجِرًا آسيويًا»!، ضع مكانه رجلاً هنديًا، ستجد الأخبار تتحدث عن العنصرية بالكاري!
***
ليس في أمريكا فقط، فالنجم والزعيم المحترم ديدييه دروجبا تم ممارسة «العنصرة» عليه خارج أمريكا!، وكذلك دانيال ألفيس لاعب برشلونة، ذهب ليلعب الضربة الركنية ففوجئ بأحدهم يرمي عليه «موزة» من المدرجات وسباب في إشارة إلى أنه «قرد»!، وجد «ألفيس» الموزة أمامه بجانب الراية، الرجل معروف بدُعابته وثقته بنفسه، انحنى والتقطها، قَشَّرها وأكلها، ثم لعب الضربة الركنية «عادي جدًا»، انفجرت وقتها السوشيال ميديا - الجميلة الذكية! - فوجدنا أغلبية النجوم الذين نعرفهم يصورون أنفسهم «سيلفي» مع موزة يأكلونها.. ضحك الجميع وانتهى الأمر!
***
الحضارة الأمريكية قامت على أكتاف «ملونة»، الطرق والكباري والمباني والسكك الحديدية واستخراج معادن الأرض من المناجم بل والحرب العالمية الثانية كان أكثر الجيش شبابًا من أصحابنا الطيبين!، كذلك حرب فيتنام، كذلك كل شيء يستلزم قوة وتحملاً وعملاً شاقاً!
***
الإيطالي ماريو بالوتيللي بكى في الملعب وخرج منه بعد انهياره نفسيًا من السباب العنصري «أنت قرد» مع أنه «إيطالي» إلا أن ذلك لم يشفع.. لم يحقق العلامة الكاملة.. ينقصه اللون الأبيض، صحيفة لاجازيتا أرادت مصالحته وتهدئة الأمور فرسمت الكاريكاتير على أنه كينج كونج «الحيوان بطل الفيلم الشهير»، يا ماريو أنت لست قردًا يا حبيبي، أنت «غوريللا»! لكنك بطل ونحبك!، غضب ماريو أكثر واعتذرت الصحيفة وانتهت هذه المباراة بنتيجة 1 للغباء البشري والعنصرية وصفر حكمة وإنسانية!
إضافة لهؤلاء تمت «العنصرة اللونية» على الملايين!، في بقاع كثيرة من «المعمورة»، إذن؟
إذن العالم - تقريبًا - يتعامل مع اللون الأبيض على أنه الـ Default!، تقريبًا الإنسان نزل على كوكب الأرض بهذا اللون، حتى في الشطرنج الأبيض يلعب أولاً، وتنتظر العساكر والأحصنة والفِيَلة السوداء دورها ثانيًا بعد سيادته! والله لا تفسير عندي لذلك!.. ما المعنى، المعنى أن الإنسان كائن «معقد جدًا»، و»مفجِع» في قسوته، وأن أي كائن آخر بالمقارنة به في هذه الناحية «أفضل»، حتى القرود والضفادع والقنافد والقنادس!
***
الزعيم -الأسمر- مارتن لوثر كينج.. دافع عن أصحاب البشرة السمراء وحقوقهم في التعليم والتوظيف وكافح العنصرية ببسالة، تم اغتياله برصاصة انطلقت من بندقية قنص من بُعْد هائل ففجَّرت حنجرته.. أنت تعلم من وراء ذلك!
***
نرجع لأمريكا العجيبة بلد العنف العنصري، بالرغم من أنه رئيسها برتقالي اللون! وذو أصول «ألمانية»! وتتسيد اقتصاد العالم الرياضي! 76 مليار دولار قيمة سوق الرياضة هناك باكتساح عن أي دولة ومملكة في كوكب الأرض «الأزرق»!، هذا الاقتصاد الهائل يندرج تحت مسمى show Business! ترفيه، وتسويقه نجح -أنا آسف لك لكنها الحقيقة- بفضل نجوم داكني البشرة!
لا تصدق؟.. اترك فنجال قهوتك وأمسك القلم وأكتب معي - مثالاً لا حصرًا -: أسطورة السلة مايكل جوردان، رمز مثل كريم عبدالجبار، ملاكم القرن محمد علي كلاي، الأختين سيرينا وفينوس ويليامز، الرصاصة «يوسين بولت»، الصبي الجميل - عنوان مقال سابق -: فلويد مايويزر، زميله أنتوني جوشوا، النجم ليبرون جيمس، النجم شاكيل أونيل، النجم جيمس هاردن! وكلهم - بالمناسبة في قائمة أغلى وأغنى 100 رياضي بالكوكب الأزرق الجميل!
***
الزعيم -الأسمر- مالكوم X! يكمل مسيرة «لوثر كينج» حتى لُقِّبَ بأكثر الإفريقيين الأمريكان تأثيرًا في التاريخ، دافِعَه كان مقتل والده وتهشيم رأسه من جماعات عنصرية «بيضاء»، ولتفقد أمه عقلها وتودَع بالمستشفى النفسي ربع قرن!، مسيرة حافلة وكفاح في سبيل القضاء على هذه الظاهرة «المفجعة»: العنصرية.. انتهى مشواره بمقتله بالرصاص.. أنت تعلم من وراء ذلك!
***
ظهر «توباك شاكور» كالبرق في السماء، يندد بنفس القضية في أغانيه وميراثه على خطى «كينج وX»، قتلوه بالرصاص!
***
خالد الربيعان يقول لك - عزيزي - أنه لا حل لهذه القضية، وأنها مرض الإنسانية الأول ودائها، ولا انتهاء لها -صدقني- مهما كتبنا، بالرغم من أنف علامات الفيفا واليويفا على قمصان الكرة التي يرتديها اللاعبون وابني وابنك!.. No Racism وFair Play وRespect! لا حل لعنصرية الإنسان مهما ادَّعينا ومهما حاولنا! ثم يستغربون من كورونا.. والله أنه لطف من الله مقياسًا لما يفعله الإنسان بالإِنسان!.. تجد الغزال مع النسر مع الحمار مع الأسد والضبع يشربون -معًا- من بقعة الماء ذاتها! ولا تقتل وتصيد وتفترس إلا عند جوع واضطرار!
***
أخيرًا حُرْ.. أخيرًا حُرْ...الحمد لله القدير..أخيرًا أنا حُرْ «.. (شاهد قبر مارتن لوثر كينج)..!
ملامح «ألفيس»، ثباته، رد فعله النادر، الحكيم، الراقي، الجميل، شيء «استثنائي»..مُبْكٍ!