مها محمد الشريف
فرنسا تأسف لـ«سَوْرَنة» الصراع في ليبيا إثر انخراط روسيا وتركيا في الحرب الأهلية الليبية قُرب أوروبا، حيث تتجلى عواقب سياسة استباحة التدخل في ليبيا واستصدار قرارات دولية لم نرها إلا في الحالة السورية وهذا يعني أن أي تفاهم دولي في المنطقة مستحيل، وقد يضعها في الفخ مثلما هو حال سوريا اليوم.
ولن تنتج تلك الحرب سوى حشد القوات من عدة دول لتكون ليبيا نموذجًا مثاليًا لسياسة الكيل بمكيالين التي تخدم المصالح لدول كبرى بمعول أردوغان وقطر لـ«سَوْرَنة» النزاع بما أن روسيا وتركيا انخرطت في الحرب الأهلية الدائرة في هذا البلد، داعيًا طرفي النزاع إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.
بينما الأزمة تزداد سوءًا وتعقيدًا وأمريكا بدورها تشكك بنوايا روسيا حيث قال الجيش الأمريكي إن عسكريين روسًا سلموا 14 طائرة ميج 29 وسوخوي - 24 إلى قاعدة الجفرة الجوية التابعة لقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي). ونفى الجيش الوطني وعضو بالبرلمان الروسي ذلك، وأن الطائرات الروسية انطلقت من روسيا ومرت عبر إيران وسوريا قبل وصولها إلى ليبيا.
ويمكن هنا أن نضع إستراتيجية أردوغان ومنطقه ومحركاته والدوافع والأهداف التي صممت لمواجهة تحديات أخرى وبات كل طرف يشد من أزر الآخر، واحتواء متكامل للإرهابيين والمرتزقة وبهذا الدعم تتلقى حكومة الوفاق الوطني في المقابل دعمًا حيويًا من تركيا يشمل مساعدتها بضربات طائرات مسيرة.
فالحقيقة التي نبه منها بعض الساسة الأمريكان إلى أن موسكو قد لا تكون بحاجة إلى انتصار صريح لحفتر لتعزيز المصالح الروسية، ودعم الجيش الوطني الليبي، الأمر لا يتعلق في الحقيقة بكسب الحرب، وإنما بإقامة معاقل، وإمكانية استخدام موسكو لمثل هذا الموقع لنشر صواريخها.
لا يخفى على أحد تخطيط ومطامع أردوغان بأن يتمكن من السيطرة على حصة من نفط ليبيا بمباركة من حكومة الوفاق التي تأتمر بأمره لكي تعزز قوته وموقفه مع أوروبا الرافضة لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي من خلال ورقة النفط فكثير من مصافي دول الجنوب الأوروبي خصوصًا إيطاليا تشتري النفط الليبي الذي يناسب تقنيتها ولقرب المسافة وتقليص أجور النقل.
لا شك بأن لعبة كبيرة تحاك في ليبيا بعد مؤامرة الرئيس التركي مع السراج وباتت الأزمة الليبية الأكثر خطورة الآن في ظل تدخل تركي سافر وسعي لتحويل ليبيا إلى سوريا جديدة، فقد تماهت كل الأشياء وذابت حقوق الإنسان لمحتل ومستعمر تركي يواصل إرسال السلاح والخبراء الأتراك ونقل الآلاف من المرتزقة والدواعش من سوريا إلى ليبيا، طوت هذه الأحداث كل الأزمنة والمسافات وتجاهل أردوغان تعهدات مؤتمر برلين حول ليبيا في وقت سابق من هذا العام، وانتهك قواعد القانون الدولي وقرار مجلس الأمن بشأن حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.
تلك الأدوار المقيتة ليست سوى أسماء لشخصيات انتهازية تتراقص على جثث الموتى لتسرق أرضهم ونفطهم وخيرات بلادهم، الأمر الذي يتطلب تدخلاً دوليًا سريعًا وعاجلاً لوقف المشروع التركي، من خلال فرض عقوبات دولية وتشديد تطبيق قواعد القانون الدولي على تركيا، وإيقاف مشروع الإخوان الإرهابي بشراكة فاسدة بين تميم عدو العرب والراعي الرسمي للإرهاب في الدول العربية حيث استخدم الإرهابيين في صفقة مشبوهة لنشر الفوضى في المنطقة وتدمير ما يمكن تدميره.