عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن مطرب
«تتجلّى بوضوح تداعيات جائحة «كوفيد - 19» على قطاع السياحة والسفر. وفي الحقيقة، شهدنا العديد من الأزمات في الماضي واستطعنا النهوض منها أكثر قوة وخبرة. ولا يخفى على أحد الدور الحيوي الذي يلعبه قطاع السفر بوصفه وسيلة تنقل الشركات والأفراد ومزاولة الأعمال التجارية، لذلك يمكنني التعبير عن تفاؤل حذر بالقطاع خلال الأشهر المقبلة.
وعلى أي حال، تتكشف يومًا تلو الآخر معالم حقيقة لا ريب فيها، وهي أننا ندخل «مرحلة جديدة» لقطاع السياحة والسفر ستكون مختلفة عن أي شيء اعتدنا عليه سابقًا. وعلى الرغم من أن الدور الرئيسي لشركات السفر والمتمثل في نقل الناس من منطقة لأخرى لأغراض متعلقة بالعمل أو الترفيه، سيبقى ذاته، إلا أن العقلية الجديدة ستركز على التحول بأطر وقواعد عمل جديدة تكفل سلامة المسافرين وكذلك خدمات شركات الطيران والفنادق ومنظمي الجولات السياحية.
لاشك أن المسؤولية الأكثر أهمية وإلحاحًا اليوم بالنسبة للحكومات وصناع السياسات هي احتواء تفشي فيروس «كورونا» وضمان الصحة العامة، إلا أنني على ثقة بأن هذا الوقت كذلك يمثل فرصة سانحة لقطاع السفر لتطبيق حزمة من الإجراءات والعمليات التشغيلية والاستعداد للمرحلة المقبلة، والتي يمكننا تسميتها «الواقع الجديد».
إن تبني مقاربة استباقية يمثل ضرورة قصوى، فلا بد من بدء جميع الجهود حالاً وعدم التأخر. ولن نجد وسيلة أفضل من إمكانات التقنيات المتطورة لاستشراف المرحلة المقبلة لقطاع السفر. وقد علمتنا التجارب السابقة أن قطاع السفر وقف في وجه محاولات التغيير حتى أجبرته الشركات الرقمية الناشئة وتقنياتها سريعة الانتشار على التحول، لتتغير ملامحه التي اعتدنا عليها لوقت طويل.
وتزودنا الابتكارات التقنية بفرصة صياغة نظم وعمليات جديدة تلائم الواقع الجديد لقطاع السفر في الفترة المقبلة.
وتبدو الحاجة للتأقلم مع أساليب مزاولة الأعمال القائمة على التقنيات المتطورة أكثر وضوحًا حتى بالنسبة لقطاع السفر في الشركات والجهات الحكومية، والتي لابد لها في المقابل من التفكير مليًا في خطط وطرق السفر - ليس فقط لفرق الإدارة بل كذلك للموظفين، على الرغم من أن أنظمة العمل عن بُعد وتنظيم الاجتماعات الافتراضية هي الأركان الرئيسية لمزاولة أعمالهم اليوم.
وبالطبع، لن يكون الطلب مرتفعاً على الفور في قطاع السفر من قبل الشركات والقطاع الحكومي، ونتوقع اقتصار خطط السفر على الرحلات الأساسية فحسب، مع الاستمرار بالتواصل عبر الاجتماعات الافتراضية.
وعلى أي حال، ثمّة عدد من الأمور التي يتوجب على المؤسسات أخذها بعين الاعتبار، مثل كيف يمكن الحفاظ على سلامة الموظفين وكيف لنا جعل السفر أكثر كفاءة وفاعلية من حيث التكلفة. أيضاً كيف نتمكن من البقاء على اطلاع بأحدث المستجدات حول القيود المفروضة على قطاع السفر وما هي شركات الطيران المفضلة الآن، وأي الوجهات ستكون ذات أولوية، وهل ستكون هناك فنادق مفضلة عن غيرها، وما هي بروتوكولات الأمان التي يجب على المسافرين أخذها في الاعتبار. من المهم أيضاً كيفية تتبع خط سير المسافرين، والتأكد من التزامهم بجداول السفر، خاصة وأن الاحتياطات يجب أن تتخذ خلال الأشهر القادمة، وأخيرًا وليس آخرًا كيف يمكنهم تأسيس قيمة أكبر للمؤسسة وتحسين استخدام الموارد من خلال الاستعانة بمصادر خارجية فعالة لتلبية احتياجات السفر.
وسيترتب على ما سبق تحول كبير من العمليات اليدوية إلى أخرى رقمية متكاملة مع مزود متخصص في خدمات السفر عالية الكفاءة ويمتلك نظام إدارة السفر المناسب، والذي لن يكون موثوقًا وفعالاً فحسب، بل سيتسم بالمرونة والقدرة على مواكبة أي تغييرات في السياسات التي لا يمكن إهمالها. ويجب على المؤسسات مراجعة سياسات السفر دوريًا بناءً على المعطيات الجديدة، وفي مثل هذا السيناريو، يجب أن يمتلك مزود خدمات السفر نظامًا لإدارة السفر قادر على معالجة هذه التغييرات بشكل مباشر، بدلاً من إدخالها ضمن سلسلة طويلة من العمليات التقليدية التي تنتظر الموافقات وتقود إلى إجراءات طويلة وبطيئة.