شهر رمضان مختلف دائماً بأجوائه وروحانياته، فكل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لله، لقوله تعالى: «الصوم لي وأنا أجزي به».
رحل شهرنا الكريم مسرعاً أو لربما أن إحساسنا بالزمن أصبح أقوى، فعندما كنا صغاراً لم نكن نشعر بمروره، كنت قد قمت بزيارة لشقيقتي قبل شهر رمضان، وبسبب الحظر -الذي فرضه علينا فايروس كورونا- أُجبرتُ على البقاء في بيتها طوال الشهر، فقررت استلام المطبخ وأخرجت جميع مواهبي المتواضعة، فتارةً كنت المحترفة وتارةً كنت المبتدئة المتدربة فلم يبق صنف لم أقم بطهوه، وتفننت بشكلٍ خاص في طهو الشوربة وعمل السلطة.. رمضان 1441هـ استخدمت وسيلة الاتصال بإحدى صديقاتي طلباً للمساعدة في عمل اللقيمات التي لم تضبط معي سوى في اليوم الأخير من رمضان وبعد جهد جهيد حتى عندما كنت أقوم بصنع الحلوى كانوا يتناولونها مجبورين خجلاً مني.
كان رمضان مريحاً وهادئاً وأجواء روحانية «فخليك بالبيت» «وكلنا مسؤول» والعديد من العبارات الجميلة ساهمت بالكثير من الخصوصية والاستقلالية، وأنا شخصياً اقتصدت في المصاريف بحكم أنني ضيفة في بيت شقيقتي.
وطالما بادروني بالسؤال «متى ستذهبين» وكنت دائماً أجيب: بعد ستة أشهر، لأنني أحضرت ست كتب وسيأخذ مني كل كتاب شهرًا، «صدموا» لكنني «غير سائلة فيهم» سأبقى إلى إشعار آخر..
# كلنا_مسؤول
في رمضان من أجمل ما تم إنجازه مبادرة «غدق المناهل» بمشاركة الأميرة مضاوي بنت سعود -حفظها الله- في جامعة الجوف لتشجيع الطالبات على القراءة، وقد تم اختياري للإشراف على القناة وكانت من أنجح المبادرات، فشكرًا للدكتورة مها الدغمي صاحبة الفكرة.
اشتركت بمسابقة الحلم وأجبت على كل الأسئلة بامتياز واستغرقت وقتًا طويلاً فأرسلت شركة stc رسالة مخيبة للآمال «نعتذر منك، تم فصل خاصية الإرسال لرقمك»، فحدي الائتماني ألف ريال. للأسف لن أربح نصف مليون ريال لشراء سيارة جديدة.. كنت سعيدة جداً وأنا أعمل على خدمة الطالبات عن بعد من موقعي وعندما تتعامل الطالبة بنوع من الحدة والغضب وذلك لقلة حيلتها أو لأنها غير مطلعة على المستجدات عبر بوابتها أو موقع الجامعة أطلب منها طريقة عمل اللقيمات فتضحك وتمر حمامة السلام.
كنت أتواصل باستمرار مع زوجي وابنتي سارا التي ذهبت لدراسة الماجستير في بلد عربي شقيق وكثيراً ما نتواصل عبر برامج التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة، جزاهم الله كل خير، وأخبرهم أنني اشتقت لهم، وبأنهم خسروا موائدي اللذيذة.
# خليك_البيت
صدرت تشكيلات إدارية جميلة في العمل وترقيات أتاحت لي الفرصة للتواصل مع الزميلات عبر منصات التواصل الاجتماعي لتقديم التهاني، ولمن لم يحالفهن الحظ لا زال هناك متسع من الوقت ما دام هناك من يستطيع إحقاق الحق ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ولم أعد أردد «أن ليس لكل مجتهد نصيب» فلا زال هناك وقت.
# من_أجل_الوطن_حنا_بالبيت
عادت ابنة شقيقي من أيرلندا معززة ومكرمة وعلى كفوف من الراحة شكراً حكومتنا الرشيدة ودام عزك يا وطني.
في رمضان 1441هـ اشترت ابنة الجيران غرفة جديدة واشتريت لها مفرشًا وصدمتني عندما أخبرتني أنه مفرشها القديم نفسه طلبت منها أن تعيده لكي أبدله فأعادته لي لعلني أستطيع تبديلة في الأيام القادمة.
ومن الأمور غير العادية لدي أنني امتنعت عن تناول السكر والحلويات خلال شهر رمضان لتشجيع «مبادرة حلوين بدون سكر»، ومارسنا رياضة المشي أنا وأختي هي على جهاز المشي وأنا بحديقة منزلهم لمدة خمسين دقيقة مسافة أربعة كيلومترات «للأسف لم ينزل وزني سوى ثلاث كيلوجرامات» المواضيع بخواتيمها «الموضوع هناك هدف وتم إنجازه» عندما قررت العودة لمنزلي اكتشفت أن ابن أختي أخذ مفاتيح سيارتي من السائق لكي لا أعود إلى مدينتي.
في هذا الوقت وفي زمن كورونا وصلتني باقات من الزهور من صديقاتي وكم كانت تلك الأزهار تشبههن، فشكراً من أعماقي لكل من أدخل البهجة على قلبي. قبل العيد بسبعة أيام قمنا بصنع معمول العيد سنتناوله في أول أيام الفطر المبارك ونكتفي أن نخبركم بأنه لذيذ جداً..
في عيدنا الأول في زمن الكورونا عدد الغرف في منزل أختي كثيرة وفي كل غرفة هاتف أرضي سأتصل عليهم لأخذ الإذن بزيارتهم وسنتزاور وأخبرهم بأنني كنت سعيدة جداً برفقتهم، وكل عام وهم بخير.
من المؤسف أنني لن أعايد الصغار والكبار ومن أحبهم فلم تنزل الرواتب أخبرتهم بأن العيدية مؤجلة وبأثر رجعي فنحن مساكين لدينا رواتب ننفقها أما الفقير فهو الذي لا يجد قوت يومه، هكذا أخبرتني زميلتي في العمل.. ولن أسمع صوت ابن الجيران يغني بأعلى صوته شيلة عن العيد وعندما أناديه «عبد العزيز صوتك جميل» يكف عن الغناء خجلاً مني فأبتسم ابتسامة الرضا يلحقها دعاء بأن يوفقه الله وجميع شبابنا الرائعين.
هذا العيد بهجة نور وضياء فوطني وشعبه بخير ولله الحمد.
كل عام وأنتم بخير
ابقوا في منازلكم،،