يصاب الإنسان خلال حياته بمئات الفايروسات التي تهاجم جسمه، وفي أغلب الأحيان يستطيع جهاز المناعة في الجسم مقاومتها والانتصار عليها وتكون لديه مناعة منها، أيضا مع التطور الطبي يتم تحصينه من خلال التطعيمات في عملية طبية متصلة ومتطورة لإيجاد اللقاحات الفعالة، ورغم ذلك يظهر فايروسات تصيب الإنسان وتؤثر على صحته وتهدد حياته علماً أن الفايروس لا يمكن رؤيته بالعين المجردة إلا أنه أحياناً فتاك ومميت، وهذا ما عايشناه مع فايروس كورونا المستجد الذي عطل الحياة في جميع انحاء العالم. ولخطورتها تطلق عند تعرض أجهزة الحاسب الآلي أو الأجهزة المحمولة للاختراق وتسبب تلفا وخسارة كبيرة عند تغلغل الفايروس إلى أنظمتها.
لذا هناك علماء وباحثون ومعاهد بحثية يصرف عليها مئات الملايين من الدولارات لاكتشاف العلاجات واللقاحات المناسبة لضمان سلامة وصحة الناس، كما تصرف الشركات مبالغ طائلة لحماية أنظمتها من الاختراق من الفايروسات الإلكترونية.
لكن في اعتقادي من أصعب الفايروسات السهل والممتنع التي تصيبنا في حياتنا ونتجاهل علاجها أو التزود بلقاح لها هي الفايروسات الاجتماعية التي تنتقل لنا طيلة حياتنا من خلال المخالطة والعشرة مع الناس خاصة التي تحبطك وتزرع فيك الخوف والقلق وتبقيك متوتراً وخائفاً من المستقبل، علماً أن هذه الفايروسات ليس لها أعراض مباشرة أوخلال مدة معينة لكنها تتغلغل داخلنا وتبدأ بالتأثير التدريجي وتحتاج سنوات حتى تظهر علينا لكنها للأسف تكون قد تمكنت منا وحينها علاجها يحتاج إلى إصرار وعزيمة ووقت لأننا فرطنا في تفعيل واستخدام اللقاحات الطبيعية المجانية التي بين أيدينا فعطلنا مناعتنا الاجتماعية والنفسية واضعفناها لأن وثقنا بأنه لا شيء يؤثر فينا لأننا واعين ومحتاطين، ونقع أغلبنا ضحية الثقة الزائدة بقوة مناعتنا الطبيعية وقدرتنا الموهومة على تجنب الإصابة أو التأثر من الآخرين علماً أننا لم نقم بأي احتياطات لتجنب العدوى.
إنها فرصة لنا جميعاً بالاستفادة من جائحة كورونا الجديدة باكتشاف الفايروسات الاجتماعية المحيطة بنا من خلال الزملاء والأقارب والمعارف والعمل وعبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي والإعلامي وأخذ لقاح المناعة من الخوف والقلق وتطبيق التجاهل والتباعد الاجتماعي وترك المسافة الكافية عن كل محبط ومختلف عنا ولبس كمامة التغافل وتعقيم عقولنا بالنسيان عند المخالطة الفكرية مع كل حامل لطاقة سلبية ويروي فقط القصص المؤلمة ويبث أفكارا تشاؤمية ويشعرك بالإحباط، مع الإكثار والتقارب مع كل من يحسن مزاجك ويضفي الأمل والتفاؤل ويقدم النصح والدعم والحلول بحب كثير ومنطق معقول.
ولنجرب أن نقوي مناعتنا الاجتماعية من خلال تقوية العلاقات مع أنفسنا وعائلتنا وأولادنا مع ممارسة الرياضة ومشاهدة وقراءة ومتابعة ما تحبه والاستمتاع مع النفس والسفر مع من يسعدنا ويضفي بهجة وتجددا ولنحرص على المخالطة المثمرة الصحية مع كل لين هين حفاظاً على سلامتنا النفسية والاجتماعية والتي حتماً ستؤثر على صحتنا البدنية وستنعكس على رؤيتنا للحياة وستساهم إما بالدفع بنا إلى الأمام أو سحبنا إلى بؤرة ودوامة من المشاكل والإحباط، وأنا أؤمن بمقولة كل ناجح خلفه نفس ممتعة وأصدقاء وزملاء داعمون دفعوه إلى الأمام وساندوه لتخطي الصعاب والعقبات حتى تجاوزها وحقق النجاح، ومن القصص المؤثرة في ذلك ما قام به الممثل الأمريكي جورج كلوني حيث دعا 14 صديقا له في عام 2013م وأهدى كل واحد منهم مليون دولار عرفاناً بجميلهم وقال: إن مساندتهم له سبب ما وصل إليه من نجاح، لذا احرص أن تكون سنداً لأصدقائك ومساعدتهم قدر المستطاع لأن نجاحهم يعود عليك لك أيضاً حتى وإن لم يصلك مليون دولار، فالخير عبارة عن دائرة لا بد أن تصيبك وتعود عليك سواء في حياتك أو في آخرتك.