الرياض - واس:
تجمع المملكة العربية السعودية وشقيقتها الجمهورية اليمنية قواسم مشتركة، يعتلي سنامها وحدة الدين وأواصر الأخوّة العربية الموغلة في التاريخ. وانفردت علاقتهما بحكم الجوار الجغرافي والمصير المشترك بخصوصية على الصعيدين الرسمي والشعبي.
وتتلازم العلاقات السعودية - اليمنية بعمق استراتيجي أمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا بما يخدم مصالحهما الثنائية، ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وحرصت قيادتا البلدين الشقيقين على توطيد عرى التعاون الثنائي بتشكيل «مجلس التنسيق السعودي - اليمني»، وعقدت أولى دوراته عام 1395هـ / 1975م.
وشكّل التوقيع على مذكرة التفاهم في الـ 27 من شهر رمضان عام 1415هـ في مكة المكرمة أنموذجًا لروح المودة والوفاق، ودافعًا أكبر لمزيد من العلاقات الأخوية المتنامية. وأثمرت هذه الاتفاقية تشكيل «اللجنة العليا السعودية - اليمنية المشتركة»؛ ما نتج عنها اجتماعات لجان اقتصادية وعسكرية وفنية عدة، وغيرها، نحو تعزيز سبل التعاون الثنائي.
ويُعد التوقيع على اتفاق التعاون الأمني في مدينة جدة في شهر ربيع الأول عام 1417هـ وجهًا آخر لمزيد من التعاون المشترك، وتجسيدًا لعمق الروابط الأخوية الوطيدة التي تربط بين المملكة واليمن. شهد العاشر من شهر ربيع الأول عام 1421هـ في مدينة جدة التوقيع على مراسم معاهدة الحدود الدولية النهائية والدائمة للحدود البرية والبحرية بين البلدين الشقيقين.
وكان للزيارات المتبادلة بين المسؤولين في الجانبين «السعودي واليمني» الدور الفاعل والمؤثر في إرساء العلاقات، والدفع بها نحو آفاق واسعة ومتقدمة من الشراكة والتعاون والإخاء وحسن الجوار.
وجاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عندما كان وليًّا للعهد إلى اليمن تأكيدًا لمتانة هذه العلاقة وصدق وسمو مشاعر الأخوّة بين القيادتين والشعبين؛ إذ شارك - رحمه الله - في شهر مايو عام 2000م في احتفالات الجمهورية اليمنية بالذكرى العاشرة لوحدتها. وكان لهذه الزيارة أثر بالغ في التعجيل بإنهاء مسألة الحدود؛ فتم بعد شهر تقريبًا التوقيع على معاهدة الحدود الدولية النهائية للحدود البرية والبحرية في جدة.
ولدعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن قدمت المملكة وأسهمت بالكثير من المشاريع التنموية في الجمهورية اليمنية. كما قامت المملكة العربية السعودية على المستوى الرسمي والشعبي بمد يد العون والمساعدة إلى الأشقاء في اليمن عندما تعرضت بعض محافظاتها لزلازل وسيول؛ إذ سيّرت المملكة جسرًا جويًّا، حمل أطنانًا من المساعدة العاجلة للتخفيف من الأضرار التي تعرض لها الأشقاء في اليمن.
وفي إطار التعاون الاقتصادي بين البلدين كان في الـ 29 من شهر أغسطس عام 1996م التوقيع في صنعاء على اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية.
وشكّلت المبادرة الخليجية الموقَّعة في الرياض عام 2011 عاملاً أساسيًّا في مساعدة الأشقاء اليمنيين وحقن دمائهم ومنع انزلاق اليمن نحو الفتنة والفوضى.
وعلى خلفية الأحداث التي شهدها اليمن، وما قامت به جماعة الحوثيين المدعومة من إيران من أعمال عنف وتعطيل للعملية السياسية الانتقالية، وانطلاقًا من حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على دعم الشرعية في اليمن، واستجابة لطلب فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية لحماية اليمن وشعبه العزيز، فقد انطلقت في مارس 2015م عملية عاصفة الحزم؛ لتكبح جماح عدوان الميليشيات الحوثية التي كانت -ولا تزال- أداة في يد قوى خارجية، لم تكف عن العبث بأمن واستقرار اليمن الشقيق.
وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في كلمته التي ألقاها في القمة العربية الأوروبية الأولى بشرم الشيخ في فبراير 2019م أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية؛ إذ قال -رعاه الله-: «إن المملكة تؤكد أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية على أساس المبادرة الخليجية، ونتائج الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن 2216». كما أكد الملك المفدى أهمية تكاتف الجهود الدولية من أجل دعم الشرعية اليمنية، وحمل الميليشيات الحوثية الإرهابية الانقلابية المدعومة من إيران على الانصياع لإرادة المجتمع الدولي.
وبعد أن حققت عاصفة الحزم أهدافها المرسومة والمخطط لها، واستجابة لطلب من فخامة الرئيس اليمني عبد ربه هادي، انتهت عملية «عاصفة الحزم»؛ ليبدأ أمل جديد في إبريل 2015 م بعملية إعادة الأمل في اليمن، وهي عبارة عن مزيج من العمل السياسي الدبلوماسي والعمل العسكري.
وفي ظل التوجيهات الحكيمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- رعى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في نوفمبر 2109 م التوقيع على وثيقة اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة؛ لتكون خطوة مهمة لتوحيد المجتمع اليمني، ومثالاً إيجابيًّا للتوصل إلى حل وسط ومقبول في ظل الظروف التي يمر بها اليمن.
وامتدادًا لالتزام المملكة بمبادئها الإنسانية، وإيمانًا منها بأن الشعب اليمني الشقيق لا يستحق المعاناة الإنسانية، وبأن الوضع في اليمن يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي لوضع حد لهذه المأساة، قامت المملكة بالمشاركة والدعوة لقعد مؤتمرات المانحين لليمن؛ إذ تعد المملكة الدولة الأولى المانحة لليمن تاريخيًّا، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة.
واستمرارًا لهذا الدعم، وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله-، تنظم المملكة العربية السعودية مؤتمر المانحين لليمن 2020 يوم الثلاثاء 10 شوال 1441 هـ، الموافق 2 يونيو 2020م، بمشاركة الأمم المتحدة. وسوف يُعقد المؤتمر افتراضيًّا برئاسة المملكة.
ويأتي تنظيم مؤتمر المانحين لليمن 2020 تأكيدًا للدور الريادي للمملكة العربية السعودية لدعم اليمن، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني الشقيق.