م. بدر بن ناصر الحمدان
جرّب أن تُشجع أحدهم، وتمنحه المساحة الكافية للعمل، وارسم الطريق أمامه، ثم ادعمه، وحفّزه، واصبر على تعليمه وتدريبه، وتحمَّل أخطاء بداياته، وقدّمه مكانك، وامتدحه أمام الآخرين، واغرس بداخله الطموح، وادفع به إلى الأمام، وحينها سيفاجئك بعمل كبير، وقدرات مُذهلة جداً لم تكن تتوقعها.
فن إدارة المعنويات إحدى أهم سمات القيادة الإدارية، وعادة ما تغفل عنها الكثير من المنظمات وقياداتها، ولا يتقنها سوى أولئك الذين يمتلكون الخبرة والتجربة والقدرة على العمل بروح الفريق، وفوق ذلك الثقة بالنفس، والإيمان باستحقاقات كل فرد ينتمي لمنظومة العمل مهما كان دوره، وفي أي مستوى وظيفي كان.
الجانب المُظلم في الإدارة يكمن في عملية «التدمير الناعم» لمعنويات الآخرين، وتحطيم ما بداخلهم من شغف، وإهمالهم، واختزال حقوقهم، وعدم الاهتمام ببناء قدراتهم وتطوير مهاراتهم، أو العمل على تأمين مسارهم الوظيفي، ومن ثم مطالبتهم بأن يكونوا منجزين ومبدعين ومبتكرين وملتزمين بأداء واجباتهم، هذا الأمر غير منصف، ومناف للطبيعة البشرية والإنسانية.
مهما بذل أي جهاز إداري من جهد في بناء منظومة إدارية متكاملة، وإجراءات تشغيلية متقنة، وأنظمة متابعة مُحكمة، ومهما وفّر من برامج وأساليب تقنية متقدِّمة، وسياسات عمل، وإستراتيجيات مستقبلية، فلن يستطيع الوصول بفريق العمل إلى مستوى عال من الأداء والإنتاجية المستدامة، ولن يكون قادراً على تحقيق أهدافه على المدى الطويل، دون أن يكون لذلك مسار مواز لإدارة معنويات أعضائه، وتحفيز انتمائهم، من خلال محفزات حقيقية، العقلية الجديدة في الإدارة المحترفة تقول: «لا عمل دون مقابل»، هذا أمر في غاية الأهمية.
صناعة الآخرين، دورة حياة كاملة، ومنظومة من القِيم والأخلاق والمبادئ.