سمر المقرن
لا يكاد يمر يوم في «تويتر» إلا ونلاحظ وجود معركة كلامية بين مشهورين، ويلحق بهم عدة مشاهير تأييداً أو استنكاراً. والغريب أن أغلب هذه المعارك وإن تضمنت الكثير من التجاوزات اللفظية أو تشويه السمعة، فهي لا تصل إلى أروقة المحاكم ولا يشتكي أحد الطرفين الآخر! تبدأ السادسة مساءً وتنتهي الثالثة فجراً لتنتهي هذه (الهوشة) المفتعلة بكسب عدد كبير من المتابعين وخسارة الكثير من القيم والأخلاقيات، وبث الكثير من المفاهيم السيئة بالمجتمع الافتراضي وغير الافتراضي.
كما أن كثيراً من ردود (تفجير الجبهة) تكون مرتبة مسبقاً، وصاحب الجبهة المفجّرة على علم مسبق بتفجير جبهته ومسح كرامته بالأرض أمام آلاف المتابعين بسبب اتفاقية مدفوعة الأجر، يظهر فيها صاحب الرد كصاحب سرعة بديهة ودم خفيف، وما لا يعلمه المتابع البسيط هو أن الرد مرتب وعدد من الشخصيات المشاركة هم «كومبارس» تم استئجارهم ليكونوا جزءاً من هذه المسرحية الرخيصة!
عندما تشاهدون مشهورتين (متشادتين الشوش) اعلموا أن أغلى ما لديهما (شوشهن) ولكن تمت التضحية بهما لجذب المتابعين ولفت الأنظار وهما في الحقيقة (حبايب( أو على الأقل متشاركتان في هذا المشروع بهدف زيادة الشهرة وأعداد المتابعين، وأنتم الضحايا!
في أحد حواراتي مع وكيل للمشاهير ألمح لي بأن هناك اتفاقيات يتم توقيعها تحت الطاولة بين مشاهير السخافة، يلتزم فيها كل طرف بعدم ملاحقة الآخر قضائياً وأن تقتصر حدود المعركة في أروقة «تويتر» ولا تتعداها إلى المحاكم!
وغالباً يلتزم الطرفان بكلمة الشرف وبالعقود الموقعة وتنتهي المعركة الثالثة فجراً، وغداً الكل حبايب!
بلا شك أن هناك جزءاً من هذه المعارك تلقائي نابع من محفزات النفس البشرية الميّالة إلى الانتصار للذات، ولكن هذه النوعية أغلبها ينتهي بحكم قضائي لعدم وجود اتفاقيات مسبقة تمنع توجه أحد الطرفين للمظلة القضائية!
أنا شخصياً ضد الإثارة الرخيصة وضد التزوير والتضليل وبث قيم الانحطاط والشخصنة والسب والشتم، وإظهار ذلك كسلوك مجتمعي طبيعي وإرسال رسائل بأن الانتصار ممكن أن يكون بكلمات السخرية وقلة الأدب.
أتمنى فعلاً أن تنتهي هذه الإثارة الرخيصة وتوقف عند حدها، بأن يكون للسلطة الرقابية دور بإحالة كل من يبث هذه القيم السيئة إلى الجهات القضائية لحسم أي (هوشة مفتعلة) للتحول من مجرد اتفاقية بالظلام إلى نزاع يفصل فيه القضاء! لننعم بتويتر تتلاقح فيه الأفكار وتنتشر فيه قيم الحوار المثمر ولنعرف أفكار بعضنا ونبني من الفكرة مجتمعاً يسمو بالكلمة ويرقى بالفكرة ويتسلح بنور المعرفة.