إيمان حمود الشمري
على قدر ثقافتك ستصنف الكلمات متى تُقال ومتى لا تُقال، كثيرون لا يملكون أدوات حرية التعبير ولا يفرقون بين كلمة حق وكلمة فتنة، فما تراه أنت وجهة نظر قد يراه الآخر إهانة، وما تراه شجاعة يراه البعض حماقة، وما تراه ارتجالاً يراه الكثيرون خروجًا غير مقبول عن النص!
من حق أي إنسان أن يعبِّر عن رأيه ولكن البعض حديثو نعمة التعلم، لذا لديهم صعوبات تأقلم مع مستجدات الحياة، لديهم قُصر فهم وجهة نظر الطرف الآخر، فهل هناك عملية لتصحيح قُصر فهم وجهة النظر؟
البعض يجهل الاندماج مع اختلاف الثقافات والطبقات والأديان، ويجيدون إلقاء التهم وتراشق الألفاظ والأوصاف (يا زنديق، يا ليبرالي، يا علماني، يا رويبضة)!!! نحن لم نتعلم لنشتم وإنما تعلمنا لنهذب ألفاظنا، والكتب التي بدأت تقرأها مؤخراً هي ليست استمارة دخول لعالم الشتائم لأن الشتم - كما يقال - حجة الضعفاء المفلسين الذين لا يملكون الأدلة والبراهين.
النقد له مقاييس سواء أكنت تنقد شخصاً أو قضية اجتماعية، فما بالك لو كنت تنقد وطناً، هناك وعي وأدب بالنقد، فالوطن يسمعك حين تشكو بتهذيب، تنقد بعدل، تعبر مع حفظ الوفاء لهذه الأرض، التمادي بالتعبير ليس حرية رأي وإنما إشعال فتيل نار الفتنة، واللغة الحادة التي يستخدمها البعض في النقد تحتاج لفلترة ألفاظ في كثير من الأحيان، فعندما تخلو حرية الرأي عن بعد النظر والحكمة تصبح نقمة على صاحبها، فبين حرية التعبير والتعدي على حرمة الدولة شعرة لا تقصمها كي لا يقصم أجمل ما فيك.
يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أبعاد وقع كلماتنا، فأفكارك ومبادئك وآراؤك، مرآتك التي لا تكذب حين تكتب، فانتبه لما تقول (فكل إناء بما فيه ينضح)، هذا الميزان لا يختل لأنه يعكس حقيقتك!!
لدينا عدم توازن كبير في طريقة التعبير، وعندما أُعطينا الحرية للتحدث، البعض سقط بالوحل بحجة أنه مثقف وواع ويعبر عن رأيه وخرج دون أن ينتبه لخطواته التي لوثت أثره، فالديمقراطية ثوب واسع لا يليق ببعض المجتمعات ضئيلة البُنية، لذا يبدون بها أشبه بالغجر.