سلمان بن محمد العُمري
تناولت قبل أزمة كورونا بأيام قلائل موضوع الوقف الصحي، وكتبت في هذه الزاوية تحديداً مقالة بعنوان: (الصحة والأوقاف وآمال منتظرة)، وقد دعوت فيها أن يتم تعميم عمل الخير وألا يتوقف على الأعمال الخيرية المعتادة، وقلت ربما كانت هناك مصارف للصدقات والأوقاف في حينها أعظم ثواباً وأجراً، ولاسيما إذا كان الأمر يتعلق بحياة الناس وإنقاذهم، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ولدينا أيضاً شواهد طيبة على أوقاف وأعمال خيرية في المجال الصحي، وأكدت أن «القطاع الصحي» يشهد نصيباً أقل في العمل الخيري للأسف على الرغم من أننا نرى مبادرات يقوم بها بعض المحسنين والأفراد في دعم مشاريع خيرية خارجية، وبينت حاجة هذا القطاع الماسة للعمل الخيري بشقيه المالي والمهني، وختمت المقالة بأني آمل أن تقوم وزارة الصحة، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للأوقاف، ومجالس الغرف التجارية بحثّ المحسنين ومسؤولي الأوقاف للالتفاتة لهذا العمل الخيري الحيوي المهم ودعمه وتقديم ملفات لمشروعات خيرية صحية، يتم كفالتها من قبل المحسنين أو فتح باب التبرعات عبر صناديق وتحت مظلة مؤسسات محاسبية؛ ثم جاءت أزمة فيروس كورونا العالمية، وتم البدء فعلياً في تنفيذ الأمر السامي الكريم الذي نص بالموافقة على إنشاء صندوق الوقف الصحي.
ولا يخفى على الجميع أهمية هذا الصندوق والاحتياج له، وضرورته ولاسيما الآن، وما زال صندوق (الوقف) الصحي الذي أسهمت مختلف المؤسسات في دعمه يتلقى التبرعات والهبات بصورة طيبة تكشف أصالة أبناء هذا البلد ومحبتهم للخير، حيث شاركت أكثر من ثلاثمائة مؤسسة وشركة وبنوك في دعم الصندوق بما يزيد على مليار ريال.
وكنت أود معرفة طريقة التنفيذ لهذا الصندوق، وكيف ستكون آلية عمله؟ وهل هو صندوق وقفي استثماري بحيث تستثمر الأموال ويصرف ريعها بعد ذلك على مصارف الصندوق؟ وما هي مجالات الاستثمار الآن، ومتى سيمكن بدء توزيع ريع الصندوق لمجابهة تداعيات كورونا؟ أم أن المبالغ المجمعة في الصندوق الوقفي سيتم صرفها آنياً؟
وكنت سأطرح هذه التساؤلات عاجلاً أمام معالي الوزير (القوي الأمين) دكتور توفيق الربيعة، ولكنه كعادته في المبادرات الإيجابية حدد ملامح الصندوق، وأوضحها ببيان خاص، حيث قال: إن أبرز أوجه المصارف للصندوق هي (توفير بدائل لمرضى الغسيل الكلوي، وتوصيل الدواء للمرضى في منازلهم، وتوفير الأجهزة الطبية والأدوات الوقائية، ومساندة مرضى الرعاية الصحية المنزلية).
وبلا شك فهناك خطوات وأعمال أخرى سيشهدها الصندوق الذي يرأس معاليه مجلس إدارته، ويشمل في مجلس إدارته عدداً من الأهالي هم الأغلبية، وعدد من ممثلي الجهات الحكومية.
وأتمنى أن يستمر عمل الصندوق في تلقي التبرعات، وتنفيذ المشاريع الوقفية الصحية التي ثبت الحاجة إليها في الأزمات وسائر الأوقات، ونحن على ثقة بحسن التدبير لمعالي الوزير وفريق العمل في مجلس الوقف الصحي، وسعيهم لتنفيذ رغبة الواقفين، وستواصل الوزارة جهودها مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية والشركات الخاصة ورجال الأعمال، بهدف فتح آفاق جديدة للمشاركة بينها وبين مكونات المجتمع بما يحقق تنمية صحية شاملة، مع الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين للقطاع الصحي وسلامة المواطن والمقيم على حد سواء.