د.عبدالعزيز عبدالله الأسمري
أشاد خادم الحرمين الشريفين في كلمته، التي هنّأ فيها الشعب السعودي والمقيمين وعموم المسلمين بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، بالمجتمع السعودي قائلاً: «إنني أقدِّر بشكل كبير قضاءكم العيد في بيوتكم، ملتزمين بكل وعي ومسؤولية بإجراءات التباعد الاجتماعي، مستعيضين عن اللقاءات وتبادل التهاني مباشرة، بالتواصل والمعايدة والتهنئة بالاتصالات والمراسلات والتواصل عن بعد».
وقد حظي سلوك المواطن والمقيم منذ أن حلَّت جائحة «كورونا 19 المستجد» والمتمثِّل في تقيّده بقواعد السلوك العامة بامتناعه عن التجمّعات الواسعة سواء الدينية أو القبلية أو الأسرية، بتقدير القيادة الكريمة، حيث يأتي التزام المواطنين والمقيمين في جميع أنحاء الوطن بعدم مغادرة منازلهم، وإبلاغهم عن الحالات المشتبه بها، والتزامهم بقواعد النظافة العامة وارتدائهم أقنعة الوجه عند الخروج الضروري، وأداء الفرائض الدينية بمنازلهم، في إطار حملة مجتمعية مشتركة يطبّق فيها آليات التباعد الاجتماعي، كدلالة واضحة على رقي الوعي المجتمعي السعودي الذي له الأثر الكبير في تقليص انتشار العدوى.
ليس ذلك فحسب، فقد أظهر الشعب السعودي مستوى قويًا من التضامن المجتمعي، والذي ساعد أيضًا في تعزيز همة وأخلاق العاملين الصحيين في هذه الجائحة، حيث أصبحت الكوادر الصحية التي يطلق عليهم أفراد المجتمع «أبطال الصحة» - تقديراً للأطباء والممرضات والممرضين وأخصائيي الأمراض السريرية ومساعديهم في هذا المجال لما يقوموا به من عمل بطولي في تلقى المرضى بهذا الفيروس القاتل - محطَّ تقدير وعرفان من المجتمع لتكريسهم أنفسهم على مدار الساعة للمعالجة والوقاية من تفشي العدوى.
كان للاستخدام الواعي لوسائل التواصل الاجتماعي المتعدِّدة، والقدرة على تمييز الأخبار المضلِّلة من غيرها وإدراك العواقب السلبية لتداول الأخبار المزيَّفة، الدور المهم في رفع مستوى الثقافة الصحية المجتمعية لمحاربة الوباء، كما أن الوثوق بالتعليمات الصحية الرسمية واتباع التعليمات الأمنية حالا دون إثارة الهلع والخوف في صفوف المجتمع الذي لربما يستغله المتربصون بالأمن الوطني.
من جانب آخر، أبدى المجتمع السعودي تكيّفاً سريعاً وسلساً مع ثقافة العمل والدراسة والتواصل عن بعد، ليصبح العمل والتعليم عن طريق الإنترنت في القطاع العام والخاص شائعاً، وأصبحت الاجتماعات والمؤتمرات والفصول الدراسية تُدار عن طريق الشبكة العنكبوتية، وأصبح لهذا التغيّر في نمط الحياة المجتمعية آثار سلوكية واجتماعية ونفسية إيجابية، ليس على المدى القصير فحسب، بل على المدى طويل الأمد.
وبينما لا يزال العالم يكافح هذا الوباء، إلا أن عدد الحالات المؤكدة والمصابين لا تزال في ارتفاع مطرد وهو ما يعزِّز استمرار انتشار الفيروس على الصعيد العالمي، إلا أن التدابير الصحية التي تتخذها حكومة المملكة والتنظيمات الإدارية والميدانية والقرار القائم على العلم وسلوك المجتمع الواعي، يسهم في تجنيب الوطن الكثير من الخسائر البشرية والاقتصادية.