خالد الربيعان
انتهى كلاسيكو ألمانيا، بايرن ميونخ ودورتموند، المباراة الأكبر في الـ»بوندزليجا»، فاز بايرن بهدف جميل للغاية لا أعلم كيف فعله السيد»كيميتش» خاصة في ظل هذه الظروف، هدف أشعرنا عند الاحتفال به من اللاعبين - للحظة - أننا نعيش خارج الكابوس المسمى»كورونا» لأول مرة منذ شهور! على حسابات التواصل رأيت الهدف أكثر من مرة وأجواء المباراة التي خرجت جيدة على غير المتوقّع، نفس الأمر تشعر في التعليقات والجو العام أننا نعيش -للحظة- خارج الكابوس الذي أتعبنا كثيراً واستهلك الوقت والأعصاب والنفسيات!
ما زلت عند الرأي الذي يقول «الصحة أهم من التسلية»، و»أن الحرص أهم وأجدر من الاحتفال»! لكن يبدو أن الطبيعة البشرية حتى في أحلك الظروف تحاول التناسي والتعامي وكأن شيئاً لم يكن، الأندية في أوروبا تتفنن في صنع كمامات بألوان كل ناد وتعرضها في المتاجر على الأرض وإلكترونياً، أندية أخرى تتواصل مع جماهيرها عبر منصات التواصل مثل zoom لتعرض لحظات التشجيع على شاشات عملاقة للاعبين أثناء المباريات!
كل هذا كما قال العقلاء لن يعوّض غياب الجماهير مهما حدث، فالنتائج نفسها تغيّرت، الدوريات التي رجعت -وتحدَّت الكورونا- بدون جماهير: أُقيمت فيها 19 مباراة، 11 منها انتهت بخسارة صاحب الأرض، إشارة واضحة لتأثير امتلاء المدرجات: كان آخرها مباراة الأمس التي خسرها دورتموند على ستاده «إيدونا بارك»، وقد كان ممكناً أن تخرج المباريات بنتائج أخرى تماماً إذا توفَّر دعم الجمهور للنادي على أرضه، هذا سيؤثِّر على نتائج الدوريات وعلى ترتيب الفرق في النهاية، وهو ترتيب له ثمن، فالمركز الأول إلى الرابع مثلاً لو تأهل لدوري الأبطال، فمعناه مئات الملايين من المداخيل أيضاً، والعكس»بالخسارة» لو تغيّر هذا الترتيب!
الشركات التجارية من جانبها مثلها مثل أي محل تجاري صغير يمتلكه أحدهم، يخسر منذ بداية الكورونا، خاصةً تلك التي في علاقات رعاية Sponsorship deals مع الأندية الأوروبية، وهي تفكر الآن بشكل عام في كيفية»التملُّص» من التزاماتها مع الأندية طالما استمرت خسائرها، والأيام القادمة قد ترى شعارات وعلامات هؤلاء الرعاة تغادر قمصان وملاعب ومواقع إلكترونية خاصة بالأندية!
أشد القطاعات تأثراً في رعاة الأندية هو صناعة السيارات، 10 رعاة قدرت خسائرهم بـ202 مليون يورو، ثم قطاع الطيران الذي خسر رعاته 197 مليوناً، البنوك -11 راعياً- وخسارة 130 مليوناً، أكثر القطاعات خسارة هو المراهنات، 20 شركة مرة واحدة خسارتها تقدر بـ100 مليون يورو، لا ننسى أن شركات المراهنات هي الراعي الرئيسي لنصف أندية البريمرليج «10 أندية»!
أيضاً في الدوريات الخمس الكبرى عقود رعاية يأتي موعد انتهائها الصيف القادم أي بعد شهر، وهي عقود بقيمة 209 ملايين يورو» 860 مليون ريال»، هذا الرقم يظل في مهب الريح طالما استمرت خسائر هذه الشركات: مع استمرار العزل، والحَجْر، ومحاولات إيجاد المصل!
إذن الأمر أشبه بحالة فوضى، تضرَّرت منها الأندية والجماهير والرعاة، مع ذلك تشعر أن الخطر»غير حقيقي» وأن العالم بشكل عام يأخذ الموضوع على أنه لعبة خطرة لذيذة كتلك التي في مدن ألعاب الأطفال! بعض الدول الأرقام فيها - مصابين / وفيات - في تزايد ثم تجد نفس تلك الدول تتكلم عن فتح جزئي للأنشطة وتقليص ساعات الحظر، تجد تجمعاً بالمئات من الناس في دولة ما في صلاة العيد رغماً عن أنف القانون والفيروس معاً!
في أميركا الشواطئ تمتلئ وتزدحم بالمصيفين! بعضهم برر ذلك بـ»كلنا سنموت».. معلومة مهمة جداً - وجديدة - كما ترى.. وذكاء نادر تتمتع به بعض الشعوب، تجولت في الأخبار بحثاً عن رئيس هذا الشعب لأجده تاركاً كل شيء ويتكلم عن أفغانستان، ثم إن المقاتلات الروسية تعترض طائرة أمريكية، وعلاقة بترولية «إيرانية-فنزويلية»!
تأكدت أن العالم في حالة «عبث» تام، وأن الفيروس يضرب كفاً بكف من تصرفات سكان الكوكب الأزرق! أغلقت أخبار العالم والسياسة والرياضة.. واستوقني أحد أكثر الأخبار قراءة»70 ألف في يوم واحد».. عنوانه نصاً: «كيفية إبادة مستعمرات النمل التي تغزو منزلك: بأمان»!
ها ها ها!
«إذا صادفت نملة واحدة في منزلك: فاعلم أن هناك الآلاف غيرها وأنك تحتاج لحل المشكلة سريعاً»، انتابني إحساس عجيب أن الفيروس يقرأ معي هذا السطر -مقدمة الموضوع- وسمعت صوت ضحكات ساخرة على كل كلمة أقرأها! انتهى الأمر بتمازج ضحكاتنا الساخرة.. معاً!