د. أحمد الفراج
سُئلت كثيرًا عن سبب انحياز الرئيس باراك أوباما ودعمه للثورات العربية، وهو الدعم الذي كاد أن يدمر العلاقات العربية- الأمريكية، ومن التبسيط المخل أن نقول بأن ذلك حدث، لأن عقيدة أوباما السياسية تؤمن بنشر الحريات والديمقراطية، فالواقع يقول إن الأمر أعمق من ذلك، إذ بدأ بفكرة من الإعلامي الأمريكي من أصل هندي، فريد زكريا، ومن المسلَّم به أن أوباما من المعجبين بزكريا وبأطروحاته الفكرية، فزكريا أول من طرح فكرة غير مسبوقة، وتتلخّص الفكرة في أن الغرب، وحتى يكافح الإرهاب، عليه أولاً أن يفهم الأسباب الكامنة وراء نشوئه، وازدياد وتيرته، إذ يرى زكريا أن اعتناق الأفكار الدينية المتطرفة، وبالتالي الإرهاب، يحدث نتيجة لغياب الديمقراطية والقمع، الذي تمارسه الأنظمة الديكتاتورية، وقد فصَّل ذلك في مقاله الشهير في مجلة نيوزويك: «لماذا يكرهوننا؟!»، الذي نشره بعيد أحداث سبتمبر، والفكرة -حسب زكريا- هي أن شعوب الأنظمة الديكتاتورية تعتقد أنها يجب أن تجابه الغرب، الذي يتحالف مع حكامها.
فريد زكريا يربط وجود الإرهاب بغياب الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان! ويبدو أن هذه الفكرة راقت للرئيس باراك أوباما، الذي تعامل بكل صلابة مع قضايا الحريات والحقوق حول العالم، وأجزم أن هذا كان السبب الرئيس، الذي جعل أوباما يدعم الثورات العربية بكل قوة، وهي الثورات، التي أسميتها بعد أن تبيّنت الدوافع وراءها بـ:«الثورات الأوبا- إخوانية»، نسبة إلى دعم أوباما وإدارته لها، ودعمهم بعد ذلك لتمكين تنظيم الإخوان من الحكم في دول الثورات، فهل كانت فكرة زكريا صائبة؟! وهل نجحت الثورات في جلب الحرية والديمقراطية، وبالتالي القضاء على الإرهاب، حسب أفكار زكريا؟! والجواب هنا لا يحتاج لدليل، فتنظيم الإخوان المسلمين، الذي كان الرابح الأكبر من الثورات، فشل فشلاً ذريعًا في الحكم، في تونس ومصر، ولعل أسباب فشله هو العجلة في التمكين، والحرص على إقصاء الجميع، أي أن الثورات، التي دعمها أوباما رغبة في تحقيق الديمقراطية وبالتالي القضاء على الإرهاب، حسب نبوءة زكريا، أصبحت دكتاتورية أكثر ممن سبقها من الأنظمة، وهذا يعني أن أوباما حاول تطبيق أفكار زكريا، وهو التطبيق، الذي استبدل دكتاتوريات بدكتاتوريات أشد منها وأنكى! فأصبح مصيرها الفشل الذريع!