بندر الرشودي - لندن:
أوضح صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة في مقاله الذي نشرته صحيفة «التليغراف» البريطانية، بأن الأشهر القليلة الماضية كانت فترة عصيبة للغاية بالنسبة للعديد من الناس والدول حول العالم بسبب ما فقدته كل من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة من ضحايا بسبب وفيات مصابي فيروس كورونا المستجد»كوفيد-19»، والنجاح الذي تم تحقيقه في مواجهة هذه الجائحة، والتحدي الذي تم مواجهته على المشاريع في مجال الاقتصاد والصحة العامة. وأكد سمو الأمير خالد بأن حكومتي المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة استجابتا لانكماش النشاط الاقتصادي، وذلك من خلال اتخاذ التدابير اللازمة لضمان صحة الاقتصاد وتحسنه على المدى الطويل، غير أن التحديات التي تواجه البلدين في هذا الصدد مختلفة بعض الشيء. حيث إن قطاع التوظيف الحكومي في المملكة العربية السعودية أكبر مما هو عليه في بريطانيا، على الرغم من الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة كجزء من إصلاح الاقتصاد السعودي الذي تقوده رؤية المملكة 2030 لتوسيع ودعم نشاط القطاع الخاص، فإنه لا يزال نسبة كبيرة من موظفينا يعملون بوظائف حكومية. كما أن الاقتصاد السعودي لا يزال يعتمد إلى حد كبير على عائدات النفط، والانخفاضات الأخيرة في سعر النفط خلال هذه الأزمة تعني انخفاض الأموال المتدفقة إلى خزينة الحكومة. وعلى النقيض من ذلك، تتمتع بريطانيا باقتصاد نشط في القطاع الخاص، وعلى الرغم من عملية إنتاج النفط في بحر الشمال، فإنها في الوقت الحاضر مستهلك للنفط.
وأضاف سموه بأن الحكومتين قد تبنتا تدابير سياسية مختلفة لإدارة هذه الأزمة، واستعرض الأمير خالد خطوات المملكة العربية السعودية في مواجهة الآثار الاقتصادية لمواجهة تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد(كوفيد-19) من خلال زيادة ضريبة القيمة المضافة على الاستهلاك لضمان عدم العيش خارج حدود الإمكانات في هذه الأوقات الصعبة. وما لم يتغير في المملكة هو التصميم والتفاني على المضي قدماً في برنامج الإصلاح الأساسي لرؤية المملكة 2030 ، كما أن التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي هي تذكير آخر بأنه من خلال تشجيع نمو الشركات والقطاع الخاص فإن المملكة العربية السعودية ستقوم بذلك أيضا، مثل بريطانيا في إيجاد الوظائف والفرص التي يحتاجها شبابنا لتحقيق نجاحهم. وإن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد تعمل على تخليص الاقتصاد من اعتماده على النفط اعتمادا كليًا، وذلك بالتعاون والشراكة مع العديد من الشركات البريطانية في هذا التحول الاقتصادي الاستراتيجي. وأكد الأمير خالد بأن جزءا رئيسيا من برنامج الإصلاح هذا هو قرار الحكومة بخصخصة جزء من شركة أرامكو السعودية، وعلى الرغم من التشكيك في ذلك، فقد حققت نجاحًا عقب طرحها للاكتتاب فيما أظهرت شركة أرامكو مرونة تجعل من الاستثمار فيها جيدًا على المدى الطويل.
وتابع سموه: وعلى الرغم من الانخفاضات في أسعار النفط، فإن شركة أرامكو ستقوم بدفع أرباح الأسهم، وقد تعافى سعر سهمها الآن إلى النقطة التي كانت عليها في 5 مارس قبل أزمة تفشي فيروس كورونا، وأن الانخفاضات في قيمة النفط دفعت السوق العالمية للتصحيح. كما أن المملكة تمضي قدما في برامج الإصلاح لديها في مجالات أخرى، كمجال السياحة الذي لأول مرة منذ سنوات عديدة افتتح، وتتطلع المملكة، بعد انتهاء جائحة كورونا، إلى استقبال المزيد من السياح. ونوه الأمير خالد بأن المملكة تسعى إلى توسيع خطط أعمال ومشاريع الترفيه والمضي قدما لتوسيع فرص العمل للسعوديين في هذا القطاع، كما دعمت المملكة النساء وفتح مجال لتمكين المرأة، والاستمرار في تحديث النظام القضائي.
وتابع سموه» بصفتي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، البلد الذي كنت محظوظاً فيه بالدراسة أثناء تحصيلي العلمي، أشعر بقوة أن بلدينا يمكن أن يساعدا بعضهما البعض على مواجهة تحديات هذه الأوقات العصيبة، ولا يقتصر الارتباط بين الاقتصاد فقط ولكن هناك العديد من المواطنين من كلا البلدين الذين يعملون في السعودية وبريطانيا على حد سواء».
وأكد سمو السفير أيضا على أن مواجهة فيروس كورونا المستجد تتطلب العمل على معالجة ما قد تتركه هذه الجائحة في تأمين الصحة العامة للناس والاقتصاد، وعدم السماح بظهور انقسام بين الشرق والغرب بسبب الجائحة، بل يجب العمل معًا لبناء إرث تجاري عالمي مفتوح ومزدهر. وختم سموه مقاله:» يجب على بريطانيا والمملكة العربية السعودية ، باعتبارهما دولتين تعتمدان بطرق مختلفة على التجارة العالمية، العمل معًا للتأكد من أن العالم يتخذ المسار الصحيح».