د. محمد بن عبدالله آل عمرو
من المسلَّم به أن حقيقة الإنسان ليست اسمه، أو رسمه، أو لونه، وإنما هي أفعاله وأقواله التي تشكّل أثره في حياته وبعد مماته، فيكون ملهماً وقدوةً لغيره فيتحقق فيه مفهوم الإنسان الصالح المصلح، الذي تستهدف تكوينه فلسفة التربية الإسلامية.
وإن من أمتع العلوم وأنفعها ما كتبه المؤرِّخون من تراجم وسير الأعلام وقصص حياتهم ومآثرهم التي تعد من مصادر التربية، فمنهم القادة، والعلماء، والتجار، وأرباب المهن، والشعراء، وحتى البسطاء الذين دوّنت أعمالهم ومواقفهم النبيلة.
ومن المؤسف أن المجتمعات المتأخرة على الرغم من تجاوزهم لأمية القراءة والكتابة وكذلك الأمية المعرفية، وبلوغهم درجات تعليمية عالية، بل وعلى الرغم من وجود المراكز العلمية والثقافية المنتشرة في كل مكان إلا أن لديهم زهداً ممقوتاً في تدوين سير البارزين والمؤثّرين في مجتمعاتهم، حتى إذا توفاهم الله استحضر الناس نتفاً من مآثرهم العظيمة والنبيلة خلال أيام العزاء من باب «اذكروا محاسن موتاكم»، ثم ما تلبث تلك السير العطرة أن تلحق بأجسادها في المقابر، فلا يكاد أحد يذكرهم، حتى إذا مضى رَدْحٌ من الزمن كانوا نسياً منسياً، وكأنهم لم يكونوا يوماً هم أهل المكانة الرفيعة والوجاهة الكريمة والحكمة والكرم والإحسان في مجتمعهم. ومن المناسب الإشادة ببعض الكتب التي دوّنت لتخليد سير الرجال في بعض مدن ومناطق المملكة، ومنها كتاب رجال من مكة المكرمة لمؤلفه فؤاد بن علي رضا وصدرت طبعته الأولى في مكة المكرمة سنة 1435هـ. وكتاب رجال من القصيم لمؤلفه إبراهيم المسلم.
إن تأليف تراجم وسير الأعلام يوفر كنزاً من الخبرات العملية والمواقف النبيلة التي تحتذى، ويهتدى بها إلى مكارم الأفعال والأقوال، فلا تموت بموت أصحابها، ومن خلالها تتعرَّف الأجيال اللاحقة على تاريخ آبائهم وأجدادهم وظروف حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وأخلاقهم وقيمهم التي كانت تحكم حياتهم.
وخلال أيام شهر رمضان المبارك لهذه السنة أتحفتنا صحيفة سبق بيشة الإلكترونية بعرض إيجاز عن السير العطرة لبعض الراحلين إلى الرفيق الأعلى في السنوات الأخيرة من شيوخ وأعيان ووجهاء ورجال أعمال محافظة بيشة، فقد قامت الصحيفة باستكتاب أبنائهم لكتابة سيرهم وفق نموذج موحّد، ولأنني أعرف أولئك الكبار معرفة شخصية، وكان لي شرف التعامل والعمل مع بعضهم في بعض اللجان التطوعية التي تخدم أهالي محافظة بيشة تحت مظلة المحافظة وإمارة المنطقة، مثل لجنة الأهالي، ولجنة أصدقاء المرضى، ولجنة تحفيظ القرآن الكريم، واللجنة التنفيذية للتنمية السياحية، وغيرها، ومع تقديري لما كتبه أولئك الأبناء البررة عن آبائهم في إطار النموذج المعد من الصحيفة، إلا أنني أرى أن ما كُتب عنهم أقل مما يمثِّل حقيقة مآثرهم ومواقفهم الكبيرة والنبيلة في خدمة دينهم ووطنهم ومجتمعهم التي ربما لم تذكر تورّعاً، أو رغبةً في أن تبقى خفية يلقون الله تعالى بها.
ولا يقلّل من الجهد الذي بذله القائمون على صحيفة سبق بيشة الإلكترونية والشكر الذي يستحقونه عن جدارة عدم تمكّن الصحيفة من عرض سير كل الرجال الذين تستحق سيرهم التدوين والتخليد، فما قامت به الصحيفة يعد وفاءً وتكريماً لأولئك الراحلون وحفظاً وتخليداً لسيرهم العطرة، وحافزاً للمثقفين القادرين على كتابة تاريخ بيشة الحديث، وتدوين سير رجالاتها ومن تشرَّفوا بخدمة الوطن في قطاعاتها الحكومية والخاصة، ولعل عمادة البحث العلمي في جامعة بيشة، ولجنة النادي الأدبي الثقافية في بيشة يضعون هذا المشروع البحثي التاريخي ضمن برامجهم المستقبلية.
خاتمة للبحتري:
سلامٌ على تلك الخلائقِ إنها
مُسَلًمَةٌ من كل عارٍ ومأثمِ
مساعٍ عظامٌ ليس يبلى جَدِيدُها
وإن بَلِيَت منهم رمائمُ أعظمِ
من المسلَّم به أن حقيقة الإنسان ليست اسمه، أو رسمه، أو لونه، وإنما هي أفعاله وأقواله التي تشكّل أثره في حياته وبعد مماته، فيكون ملهماً وقدوةً لغيره فيتحقق فيه مفهوم الإنسان الصالح المصلح، الذي تستهدف تكوينه فلسفة التربية الإسلامية.
وإن من أمتع العلوم وأنفعها ما كتبه المؤرِّخون من تراجم وسير الأعلام وقصص حياتهم ومآثرهم التي تعد من مصادر التربية، فمنهم القادة، والعلماء، والتجار، وأرباب المهن، والشعراء، وحتى البسطاء الذين دوّنت أعمالهم ومواقفهم النبيلة.
ومن المؤسف أن المجتمعات المتأخرة على الرغم من تجاوزهم لأمية القراءة والكتابة وكذلك الأمية المعرفية، وبلوغهم درجات تعليمية عالية، بل وعلى الرغم من وجود المراكز العلمية والثقافية المنتشرة في كل مكان إلا أن لديهم زهداً ممقوتاً في تدوين سير البارزين والمؤثّرين في مجتمعاتهم، حتى إذا توفاهم الله استحضر الناس نتفاً من مآثرهم العظيمة والنبيلة خلال أيام العزاء من باب «اذكروا محاسن موتاكم»، ثم ما تلبث تلك السير العطرة أن تلحق بأجسادها في المقابر، فلا يكاد أحد يذكرهم، حتى إذا مضى رَدْحٌ من الزمن كانوا نسياً منسياً، وكأنهم لم يكونوا يوماً هم أهل المكانة الرفيعة والوجاهة الكريمة والحكمة والكرم والإحسان في مجتمعهم. ومن المناسب الإشادة ببعض الكتب التي دوّنت لتخليد سير الرجال في بعض مدن ومناطق المملكة، ومنها كتاب رجال من مكة المكرمة لمؤلفه فؤاد بن علي رضا وصدرت طبعته الأولى في مكة المكرمة سنة 1435هـ. وكتاب رجال من القصيم لمؤلفه إبراهيم المسلم.
إن تأليف تراجم وسير الأعلام يوفر كنزاً من الخبرات العملية والمواقف النبيلة التي تحتذى، ويهتدى بها إلى مكارم الأفعال والأقوال، فلا تموت بموت أصحابها، ومن خلالها تتعرَّف الأجيال اللاحقة على تاريخ آبائهم وأجدادهم وظروف حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وأخلاقهم وقيمهم التي كانت تحكم حياتهم.
وخلال أيام شهر رمضان المبارك لهذه السنة أتحفتنا صحيفة سبق بيشة الإلكترونية بعرض إيجاز عن السير العطرة لبعض الراحلين إلى الرفيق الأعلى في السنوات الأخيرة من شيوخ وأعيان ووجهاء ورجال أعمال محافظة بيشة، فقد قامت الصحيفة باستكتاب أبنائهم لكتابة سيرهم وفق نموذج موحّد، ولأنني أعرف أولئك الكبار معرفة شخصية، وكان لي شرف التعامل والعمل مع بعضهم في بعض اللجان التطوعية التي تخدم أهالي محافظة بيشة تحت مظلة المحافظة وإمارة المنطقة، مثل لجنة الأهالي، ولجنة أصدقاء المرضى، ولجنة تحفيظ القرآن الكريم، واللجنة التنفيذية للتنمية السياحية، وغيرها، ومع تقديري لما كتبه أولئك الأبناء البررة عن آبائهم في إطار النموذج المعد من الصحيفة، إلا أنني أرى أن ما كُتب عنهم أقل مما يمثِّل حقيقة مآثرهم ومواقفهم الكبيرة والنبيلة في خدمة دينهم ووطنهم ومجتمعهم التي ربما لم تذكر تورّعاً، أو رغبةً في أن تبقى خفية يلقون الله تعالى بها.
ولا يقلّل من الجهد الذي بذله القائمون على صحيفة سبق بيشة الإلكترونية والشكر الذي يستحقونه عن جدارة عدم تمكّن الصحيفة من عرض سير كل الرجال الذين تستحق سيرهم التدوين والتخليد، فما قامت به الصحيفة يعد وفاءً وتكريماً لأولئك الراحلون وحفظاً وتخليداً لسيرهم العطرة، وحافزاً للمثقفين القادرين على كتابة تاريخ بيشة الحديث، وتدوين سير رجالاتها ومن تشرَّفوا بخدمة الوطن في قطاعاتها الحكومية والخاصة، ولعل عمادة البحث العلمي في جامعة بيشة، ولجنة النادي الأدبي الثقافية في بيشة يضعون هذا المشروع البحثي التاريخي ضمن برامجهم المستقبلية.
خاتمة للبحتري:
سلامٌ على تلك الخلائقِ إنها
مُسَلًمَةٌ من كل عارٍ ومأثمِ
مساعٍ عظامٌ ليس يبلى جَدِيدُها
وإن بَلِيَت منهم رمائمُ أعظمِ