سهوب بغدادي
أكتب لكم في صباح أول أيام عيد الفطر؛ فكل عام وأنتم بخير، وعسى أن نعوده أعوامًا مديدة سعيدة في حال أفضل. فيما نعايش الأزمة الصحية العالمية بتفشي فيروس كورونا المستجد، ونرى أبعادها المنعكسة في أدق تفاصيل حياتنا، ما زلنا نلمس جمال الحياة في دقائقها؛ فكان عيدنا هذا العام استثنائيًّا بخلوه من الأحباب، ولكننا بالرغم من كل شيء صنعنا السعادة والبهجة من الداخل أيضًا بالامتنان لما تبقى بين أيدينا؛ فلقد أنعشت قلوبنا أصوات تكبيرات العيد النابعة من مساجد الحي، ورسمنا الابتسامة على وجوه أطفالنا بطرق إبداعية، وبأبسط الإمكانات المتوافرة في منازلنا، كما راجعنا أنفسنا على أوقاتنا وأموالنا المهدرة في غير مواطنها الحقة، إلى جانب تلك الاستعدادات والقلق والتأهب لما سيحدث ويكون في حال قصرنا أو نسينا أو تناسينا في أي موضع كان. حتمًا، نحمد الله على هذه الفترة الاستثنائية التي جعلتنا نلتفت إلى الصورة عوضًا عن الإطار الذهبي اللامع. فسعادتنا كانت موجودة على مقربة منا، ولكننا لم نلحظها؛ لأننا أعددناها من المسلّمات في ذلك الحين. مَن كان يتصور أن مجرد الوجود مع مجموعة من الأشخاص في مكان واحد يشكل فارقًا مفصليًّا؟ أو أنك ستشتاق لذلك الإفطار في الصباح الباكر في بيت جدتك وأنت تكابد النعاس؟ أمور روتينية اعتدناها على مَرّ السنين ولكنها شكلت حياة متكاملة، لم نتنازل عنها في مخيلتنا، ولن نتخلى عنها مستقبلا -بإذن الله-. من هنا، أحث الجميع على الالتزام بالإجراءات الاحترازية الموصى بها بالابتعاد عن التجمعات العائلية والعمالية حتى نتجاوز هذه الأزمة بأسرع وقت، ونعود إلى الأهل والأصدقاء والأحباء.
(سنعود بإذن الله).