د.نايف الحمد
(العالمية صعبة قوية).. عبارة رددتها الجماهير النصراوية لسنوات عدة.. كانت هي الحل في نظرهم، وهي الإجابة للكثيرين عندما تعوزهم الحجة أو الرد، أو ربما لتبرير سنوات الضياع التي عاشها الفريق النصراوي! أرادوا أن يقنعوا الشارع الرياضي أن ترشيح الفريق للمشاركة في بطولة أندية العالم (التجريبية) يجب أن يكون هو المعيار الأول لتصنيف الأندية وأفضليتها..!
مارسوا كل أنواع الضغط على الهلال وجماهيره بترديد هذه العبارة وحاولوا التقليل من كل بطولة هلالية تتحقق.. وكانت حاضرة بعد تحقيق الهلال لكل منجزاته منذ ظهورها وحتى موقعة (السايتاما) الشهيرة في 24 نوفمبر 2019م، حيث تم تشييعها لمثواها الأخير!
(العالمية صعبة قوية) كانت أشبه بالمخدر الذي جعل جمهور النصر يغطّ في سباتٍ عميق متكئاً عليها، يتغنَّى بها وهي وحدها في نظرهم كافية لإجهاض أي بطولة وإفساد نشوة الانتصارات الهلالية.. يرددونها في وقتٍ كان الهلال يعتلي المنصات ويحصد البطولات واحدة تلو الأخرى ويجهز كل أسلحته من أجل الوصول لأحد أهم أهدافه الرئيسية وهو تحقيق الآسيوية والتربع على عرش القارة الصفراء من جديد.
سنوات والهلال يعمل على بناء منظومته بشكل احترافي ويقوّي صفوفه على كافة المستويات الإدارية والفنية واللاعبين من أجل استعادة اللقب الغائب منذ فترة، فمكان الهلال هو قمة آسيا وجمهوره لن يقبل بأقل من ذلك، في حين اكتفى البعض بترديد عبارتهم (العالمية صعبة قوية) رغم أن فريقهم لم يحقق البطولة الأهم «دوري الأبطال» طوال تاريخه!
لم تكن تلك الإستراتيجية التي عمل عليها نادي الهلال ودعمها جمهوره لتذهب أدراج الرياح، بل كان نتاجها إضافة أكثر من ثلاثين بطولة حققها الزعيم الهلالي من عام 2000م جعلته يحلّق خارج السرب وينظر للبطولات المحلية كنوع من الترف بعد أن امتلأت خزائنه منها.
في الهلال كان على الجميع أن يسعى لتحقيق حلم جماهيره ابتداءً من أي إدارة جديدة مروراً بالجهاز التدريبي واللاعبين.
يعملون لأنهم عرفوا أن طموح الجماهير لا يقف عند تحقيق بطولة عابرة من هنا أو هناك.. فالإستراتيجيات واضحة للإدارات واللاعبين وكذلك للجماهير، فتحقيق السابعة واستعادة المجد الآسيوي هدفهم الذي طالما داعب خيال وأحلام تلك الجماهير، أما التأهل لكأس العالم للأندية فلم يكن بتلك الأهمية إلا لإسكات تلك الأفواه التي تحاول أن تجعل منه عقبة كؤود وميزة تخصّهم وحدهم!
في تلك السنوات ذاع صيت الهلال ونجومه، واشتهر على المستوى الإقليمي والآسيوي بمشاركاته المتعدِّدة وفنونه التي قدَّمها وسَحَرَ بها عشاق المستديرة، فكانت الإشادة تأتي للهلال من كل اتجاه، وكسب خلالها أجيالاً من الشباب الذين أسرهم هذا الجمال الطاغي في أداء الموج الأزرق.
سنواتٌ كسب فيها الهلال احترام العالم وتعاطفه، فقد شهد له خصومه قبل أنصاره بقوته واستحقاقه للبطولات.. لقد شاهد العالم بأسره كيف خسر الهلال نهائي 2014م أمام سيدني الإسترالي بتلك المجزرة التحكيمية الرهيبة والتي كان بطلها الحكم الياباني نشيمورا، وأصبح الجميع يعرف أن هذا الفريق هو البطل غير المتوَّج بما يقدِّمه من إبهار تجاوز به محيطه بمراحل!
كانت مباراة 24 نوفمبر هي ساعة الحقيقة.. فقد سقط فيها أولئك الواهمون المشككون في قدرة الزعيم على استعادة لقبه القاري.. لم يدركوا أن هذا الكيان قام على الحب والتكاتف، وأن بإمكانه صنع المعجزات.
لمن ردد (العالمية صعبة قوية) نقول: شكراً لكم، فقد كنتم الداعم الأول للهلال بعد جمهوره في مسيرته نحو الألقاب.. كانت تلك العبارة هي الوقود الذي حرَّك الآلة الهلالية الضخمة وحفّزها على تحقيق الإنجاز تلو الإنجاز.. والتاريخ لا يحفظ في سجلاته سوى البطولات، وقد كان الهلال عبر تاريخه مثالاً يحتذى في قدرته على صناعة النجاح وإسعاد عشاقه.
تقبَّل طاعاتكم.. وكل عام وأنتم بخير،،