رمضان جريدي العنزي
الكلمة الطيبة الموزونة المنتقاة قادرة على إحداث التغيير والتبديل، فالكلمة الحسنة الجميلة تغير الحرب إلى سلم، والكراهية إلى حب، والعداوة إلى صداقة، وتقود الناس نحو الألفة والاتحاد والوئام. الكلمة الطيبة توقظ الغافلين من سباتهم العميق، وتدفع الكسالى نحو العمل، تنتشل الحيارى من حيرتهم الشديدة، وتأخذ القانطين نحو سهوب السعادة، وتقلب الحزن إلى فرح، والتشاؤم إلى تفاؤل. الكلمة الطيبة تنشر القيم الإنسانية، وتوقظ الضمائر، وتشعل الهمم، وتحيل الخراب إلى واحة خضراء. الكلمة الطيبة سلاح النبلاء، ورسالتهم الخالدة، ينقلون الناس من خلالها إلى عوالم الجمال والسلام، لقد أصبحت الكلمة الطيبة النافذة المشرعة التي تأسر القلوب، وتخلب الألباب، وتجمع الأرواح، وتطفئ النيران، وهي الكلمة الفريدة التي تتسلل إلى الزوايا المظلمة في حياة الناس، وتشعل القبس الذي ينير الحياة ويعطيها المعنى، وتفرد الأرواح بالمحبة على وسع الكون وامتداد الفضاء. الكلمة الطيبة تسكن الوجدان، وتربط الحلقات، وتقرب الصلات، وتجلب النافر، وتهدي المستشيط، تريح الخلد والعواطف وتعكس القرائح بكل شفافية مثل شلال متدفق. الكلمة الطيبة تطوع الإنسان، وتأخذه من جفاف الوحدة واليأس والانعزال، إلى بساتين الفرح والمشاركة الاجتماعية الفعالة. إن الكلمة الطيبة أكبر علاج لكثير من المآسي والمشاكل والتوترات، وفيها حلول ناجعة ومميزة لكثير من الأمور والمعاقات. إن الكلمة الطيبة والجميلة لها وقع كبير على النفوس، بل هي عبادة للتقرب إلى الله، وهي صدقة للنفس متعد نفعها للغير. الكلمة الطيبة لها ثمر قد يقطف في الوقت واللحظة، وقد يقطف ويجنى بعد حين، والكلمة الطيبة تؤلف بين القلوب النافرة، والنفوس المشحونة، تذهب الحزن، وتزيل الغضب، وتشعر بالرضا والسعادة، وتؤدي إلى اجتماع الكلمة، ووحدة الصف والمصير. الكلمة الطيبة انتصار على الشيطان، وفوز على الغواية. الكلمة الطيبة مثل شجرة مثمرة جذورها في باطن الأرض، وأوراقها وغصونها ممتدة في الفضاء، عكس الكلمة الخبيثة التي لا نفع فيها ولا ثمر، تضر صاحبها ولا تنفعه، وتضر ناقلها ومتلقيها والناطق بها، مثلها مثل الشجرة الخبيثة، مذاقها مر وأصلها غير ثابت، وشكلها لا يسر الناظرين، أوراقها وغصونها وفروعها متشابكة كأنها رؤوس الشياطين، هزيلة وضعيفة وتنهار أمام أدنى عاصفة. إن للكلمة الطيبة فوائد كثيرة، ومنافعها جلية وواضحة، قال تعالى:أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، وقال عليه الصلاة والسلام (الكلمة الطيبة صدقة).
اللهم ارزقنا الكلمة الطيبة التي لا تشوبها المصالح والمنافع ولا الحقد ولا الضغينة، واجعلها لنا صدقة جارية تنفعنا وننتفع بها يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا صاحبة ولا أخ ولا عشيرة.