سئل نبي الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أي الناس أشد ابتلاءاً قال الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل في الأمثل، وقال صلى الله عليه وسلم (يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة تكون زيادة في بلاءه ومن كان في دينه رقة خفف عنه ولا يزال البلاء في المؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة). من هنا يجب أن ندرك ونعلم بل ونؤمن أن الابتلاء يقع مع الإيمان وأن اشتداد البلاء في هذه الحال دليل على قوة الإيمان، ويجب أن يكون لدينا دليل قاطع وعلم ساطع وعقل رادع بأن العقوبة الربانية من أسبابها الذنوب والمعاصي والانحراف عن النهج السليم، وكل ما زادت الذنوب كبر حجم العقوبة واشتدت. في عالم اليوم نجد بأن الذنوب والمعاصي لا حصر لها وهي من مسببات العقوبة الربانية وعلى مختلف المذاهب والأديان والمعتقدات، لماذا لا نعود إلى الله بقلوب صادقة وبنية صافية وبإيمان مطلق بأن كل ما يحدث الآن من جوائح وأحداث وكوارث هو بسبب ما يقترفه البشر من الخطايا والانحراف عن الطريق السليم المؤدي إلى النجاح، ولو نظرنا إلى العالم الإسلامي في أحواله وفي أفعاله وأعماله وأقواله نستخلص الدروس والعبر ويثبت لدينا بأن هذا العالم يغرق بعض أفراده في المشاكل والمعاصي والذنوب المتمثلة في التخوين والتكفير والسلب والنهب والقتل بغير حق والفساد الذي استشرى في بعض المجتمعات الإسلامية، من المفترض ألا يكون له موطئ قدم فيها أضف إلى ذلك التناحر والتباغض والمشاحنات والحروب التي تأكل الأخضر واليابس؛ العالم الإسلامي اليوم كأن أهله مجتمعون في سفينة واحدة ثم يأتي من يعبث بهذه السفينة لتغرق، وقتها ترتفع أصواتهم وهتافاتهم أين النجاة؟؟؟، والسؤال الملح بعد الغرق كيف نتعامل مع من تأخذه أهواءه وحقده إلى أن يصل بالعالم الإسلامي إلى هذا المستوى المتدني من الفكر والعقل والإدراك والتضامن والتعاون والتآلف. لقد أظهرت جائحة كورونا الأخيرة القدرة الإلهية التي لا يستطيع البشر ردها إلا باليقين والإيمان وفعل الحسنات وترك السيئات والعودة إلى رب الكائنات الذي بيده كل شيء لأن قدرته سبحانه وتعالى لا تستطيع أي قوة في العالم مهما كبرت وتجبرت أن ترد هذه القدرة الإلهية. إننا نسأل ماذا بعد كورونا هل يتحد العالم الإسلامي ويعودون إلى الحق ويتركوا الباطل وتكون لهم كلمة واحدة بعيداً عن كل ما يسيء للأخلاق والدين والقيم أم نستمعلى هذه الحال متفرقين مشتتين متناحرين غير مبالين بما ورد في كتاب الله في قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (92) سورة الأنبياء.
اللهم يا ربنا هب لنا الصبر والإيمان والاحتساب وتحمل الابتلاء بقوة إيماننا بك وحدك، ونسألك اللهم أن تبعد هذه الغمة عن البشرية جمعاء، وأن يعود لكل العالم رخاؤه وأفراحه ورفعته وأمنه واستقراره والله المستعان.