د. أحمد الفراج
في عام 1796، فاز أحد الآباء المؤسسين، المحامي اللامع والدبلوماسي، جون آدمز، برئاسة أمريكا، وحكم لفترة رئاسية واحدة فقط، إذ فاز عليه نائبه، المفكر توماس جيفرسون، في انتخابات عام 1800، ودائماً ما يتوقف المؤرِّخون عند تلك الحقبة، التي كان شعارها ساسة العيار الثقيل، فجون آدمز وتوماس جيفرسون يعتبران من أميز الفلاسفة وأبرع الساسة، ومع أن آدمز كان يحلم بأن يحكم الإمبراطورية الناشئة لفترتين، مثل سلفه جورج واشنطن، إلا أنه لم يتمكَّن من ذلك، ولذا عوَّض ذلك عن طريق ابنه، جون كوينسي آدمز، وهو مثل والده، سياسي ودبلوماسي بارز، سبق أن انتخب لمجلس الشيوخ، وعمل وزيراً للخارجية، وبالفعل استطاع الابن أن يفوز بالرئاسة في انتخابات عام 1824، وأصبح الرئيس السادس لأمريكا، ولكن حظّه، رغم مؤهلاته التي يشيد به المؤرِّخون، لم يكن بعيداً عن حظ والده، إذ لم ينجح في الفوز بفترة رئاسية ثانية.
تميز الرئيس جون كوينسي آدمز بأنه قام بأمر غير متوقّع، إذ إنه، وبعدما خسر الفوز بفترة رئاسية ثانية، ترشَّح لمجلس النواب، وأصبح عضواً بالكونجرس! وخدم به سنوات طويلة، أي حتى وفاته في عام 1848، كما تميَّز بأنه لم يحضر حفل تنصيب خلفه، رغم أن حضور الرئيس السابق لحفل تنصيب الرئيس اللاحق يعتبر تقليداً عريقاً، وهو بهذا اتبع خطوات والده، الذي لم يحضر حفل تنصيب خلفه أيضاً، ثم تبعهما في ذلك الرئيس جاكسون، أما ريتشارد نيكسون فلم يحضر حفل تنصيب خلفه، لأنه استقال من الرئاسة رغماً عنه، ولم يحدث بعد رئاسة آل آدمز، الأب والابن، أن حكم أمريكا ابن أحد الرؤساء إلا بعد أكثر من مائة وخمسين عاماً، وتحديداً في عام 2000، عندما فاز جورج بوش الابن بالرئاسة عن طريق المحكمة العليا، بعد أن حصلت خلافات في عدّ أصوات الناخبين، وتم حسم الأمر بالقانون، لا بالتصويت، فهل يا ترى نرى ابناً يخلف والده برئاسة أمريكا مستقبلاً، إذ يجزم بعض أنصار الرئيس ترمب المتعصبين بأنه سيفوز بإعادة الانتخاب هذا العام، ولذا يطالبون من الآن بأن يترشح بعده للرئاسة، أي في عام 2024، ابنه دونالد أو ابنته ايفانكا، فهل ترى إمكانية حدوث ذلك في أمريكا اليوم؟!