فيصل خالد الخديدي
تسعى عادة الدراما إلى تصوير الحياة وحكاياتها وتقترب من الإنسان وصراعاته وقضاياه، وتُقدم في قوالب مختلفة سواء كوميدية أو مأساوية أو ميلودرامية وغيرها من الأنواع التي تعتمد على الخيال أو الواقع وقصصه وتقوم على عدة عناصر منها الفكرة الرئيسية والحبكة والشخصيات والمؤثرات بالإضافة للكلمات والحوارات، وفي كل حالات وأنواع الدراما تبقى دراسة الشخصيات المراد تمثيلها وتأديتها ببراعة وتمكن في جميع جوانبها النفسية والانفعالية والفكرية وكل المعلومات المحيطة بالشخصية، أمر بالغ الأهمية ويصنع الفرق في نجاح الأعمال الدرامية. كل هذه معلومات بديهية وأولية يفترض أن يعرفها المبتدئ في الدراما والمتابع لها, ولكن تطالعنا بعض الأعمال الدرامية سواء أفلام أو مسلسلات والتي يكون من ضمن شخصياتها فنان تشكيلي بنظرة سلبية ومقيتة عن شخصية الفنان التشكيلي تظهره إما عبثي بوهيمي أو مختل نفسي، وكأن سيكلوجية المبدع والفنان لم تصل لصانعي هذه الدراما وتوقفت نظرتهم على ذلك المختل غير السوي الذي ترسخ كثيراً في الدراما المصرية والتي رصدها الأستاذ الدكتور عادل عبدالرحمن وكيل نقابة الفنانين التشكيلين في مقالة له استعرض فيها الكثير من الإساءات لشخصية الفنان التشكيلي في سلسلة الأفلام والمسلسلات المصرية وحتى البرامج الترفيهية والمقالب التي تظهر شخصية الفنان التشكيلي مشوهة وغير سوية، واستعرضها بالتفصيل في سرد تاريخي ابتداء من فيلم (لحن حبي) لفريد الاطرش عام 1953م وانتهاء بمقطع مسيء في الحلقة السادسة عشر من المسلسل الكوميدي (رجال البيت ) لعام 2020م الذي يعرض حالياً برمضان، وكان فيه إساءة بالغة للفن وشخصية الفنان التشكيلي، وهو ما جعل نقيب المهن التمثيلية يتقدم بخطاب اعتذار عن أي عبارة ذكرت أو مشهد عرض من مسلسل رجالة البيت يحمل فيه إساءة للفنانين التشكيليين.
إن الصورة النمطية التي رسختها المسلسلات والأعمال الدرامية عن الفنان التشكيلي بأنه شخص بوهيمي فاقد الاهتمام بذاته وهندامه ونظافته الشخصية، أو مختل غير سوي ومريض نفسي لم تكن بعيدة عن مسلسل خليجي يعرض حالياً وشخصيته المحورية فنانة تشكيلية قدمتها على أنها شخصية غير سوية نفسياً، كما قدم المسلسل المدرسة الانطباعية على أساس أنها تعني الرسم الكاريكاتيري وهو خطأ معلوماتي لم يكن الوحيد بالمسلسل, ومن غير المنطقي والمقبول أن تقدم وجبة من المعلومات الخاطئة والنظرة السلبية عن شخصية الفنان التشكيلي بمسلسل قائم في شخصيته الرئيسية على قصة فنانة تشكيلية, فبالرغم من الجهود والإمكانات التي بالمسلسل إلا أن عدم الاهتمام بدقة المعلومة التشكيلية كان نقطة ضعف في المسلسل، إضافة إلى تقديم شخصية الفنان غير السوي كانت امتداداً وترسيخاً لصورة نمطية غير صحيحة ولا دقيقة عن الفن والفنان التشكيلي.