منذ أن بدأت جائحة كوفيد 19 في عام 2020 وجميع سكان الأرض هم في امتحان أمام رغباتهم وعاداتهم من النواحي المادية، الاجتماعية، النفسية وأخيراً الروحية.
الجائحة التي جاءت كمعلم قاسِ ومرشد بلا رحمة، حيث إن العالم أجمع يفكر بذات الطريقة وكأننا في قرية صغيرة، وهو الاختبار الأصعب أمام أنفسنا وملذاتها، وإسرافها في أدق التعبير. العادات والحاجات وكذلك الرغبات تتجدد وتتعدد بصفة مستمرة، فكلما أشبع حاجة تولدت أخرى حتى أصبح الإنسان لا يكتفي بل يلجأ إلى طرق مختلفة تشبع رغباته. فتناول الكوب الأول للماء تشبع الضمآن، والكوب الثاني قد يكون عصيرًا فالحاجة ليست للعصير إنما الماء.
يقول غاندي: «إنّ التأقلم ليس تقليداً، بل هو يعني قوة المقاومة والاستيعاب».
حيث إن قوة العادة في اليوم الذي كان مملاً أصبح رغبة سعيدة حقيقية عند الكثير. والحياة التي بدأت بائسة اتضح فيها صور النعم التي لم نستشعرها. الصحة ثم الصحة ثم الصحة على أولى قائمة الأثرياء والفقراء ومختلف الأعراق والجنسيات، وحدها لا تشترى بالمال ولا بأي ثمن. فدرس الحفاظ على الصحة هي الرغبة المشتركة وكانت من أصعب الدروس في إعادة جدولة حسابات الأوليات، فالرغبة في الكسل واستلام الرواتب دون جهد، أصبح شعوراً قاتلاً، جزء كبير من الصحة الجسدية والنفسية هو رغبة العمل. ليس العمل من أجل المال إنما من أجل إيجاد معنى للحياة، فالصحة تكمن في العمل لا بالسعي من أجل المال فقط.
ومن ناحية أخرى تلك العادات التي أقيمت الحروب من أجلها، فاليوم الجميع يتخلى عنها للحفاظ على معنى للحياة. فالمقاهي والأسواق والتبضع ليست إلا وسيلة للهروب من مسؤوليات النفس، فالخلوة مع النفس أمر إيجابي والخلوة مع الأهل أمر تقتضيه الفطرة. فالعادات التي سلخت الفرد والمجتمع من أولياته هي أحق بأن تضحد.
الرغبة في التكديس المادي لأي غرض ما، فالنساء يحببن تجميع أواني المطبخ، الموضة، والحقائب.. الخ القائمة لا تنتهي، فأصبح أن الذي يقوم مقام إزالة الحاجة فله الحاجة، الحقيبة الواحدة تكفي والسيارة التي تصلني بيتي تكفي، فتباهي لا مكان له في عصر الصحة.
والرغبة المهمة في الحديث عن البقاء هو الحاجة للأمان إذا كانت الحاجات النفسية والمادية لا تفي بالأمان فالرغبة في الخضوع، والانكسار، كل فرد آدمي على وجه البسيطة هرع إلى ما يؤمن به، فالحاجة الروحية مطلب أساسي حتى تستقيم زوايا الحياة، فالعيش بلا صحة نفسية والأسقام معها الصحة الجسدية والصحة الجوهرية من أتباع ما يخلص النفس من اضغانها ويعطيها روحها التي تحييها وتجد قيمة أساسية لتعيش.
خلاصة: تبين لنا أننا نستطيع التخلي عن العادات أما الرغبات فنختار أخيرها.
** **
- غالية خياط
@ghaliahk