كيف يمكن اليوم أن نتذكر الأدبيات التي كانت تتناول العلاقة بين المثقف والسلطة؟! وماذا يمكن أن يبقى لها من الذاكرة الثقافية على اختلاف مستوياتها المترجم وغيره مما كان نسخاً، أو مسخاً من مترجمات، تم اجتزاءه من سياقات زمنية مرحلية لتصبح السلطة بوصفها السياسي في علاقتها مع الكتابة كل شيء!، إذ كان من الطبيعي أن تتخذ تلك الأدبيات وجهات متضاربة فيما بينها تبعاً للبيئة السياسية ومتغيراتها من قطر عربي إلى آخر، وكذا الحال من دوافع ومقاصدية كل كاتب من أصحاب تلك الأدبيات، وإن بدوا لعوام القارئ «مهرولين» معاً نحو وجهة ما!.
ما الذي سيدهشنا اليوم عندما نعيد تفسير هذه العلاقة المباشرة بين (النص/ الكتابة)، وبين (السلطة/ النظام السياسي)، في النظرية السلطوية، فالشيوعية، ثم الرأسمالية، ومنها إلى المسؤولية الاجتماعية، التي تحولت إلى العقد الاجتماعي، وما تلاه من نظريات مختلطة..؟! سنجد أن الحديث عنها وحولها مجرد حديث عابر، إذ لا سلطة دون كيان، ولا كيان دون أن يكون له نظم ومؤسسات وقيم وهوية، تشكل مرجعياته وأطره، وترسم محددات كينونته.
لذلك كانت سلطة السياسي وستظل سلطة ضمن مجموعة من السلطات: الدين، الأعراف والتقاليد، المجتمع، سلطة المنبر، سلطة الوسيلة، سلطة الأنا، سلطة النص.. وصولاً إلى سلطة (القارئ/ المتلقي) للنص، وبانتقالنا مع الثورة الرقمية إلى فضاء مفتوح للكتابة، وعلى سلطات جديدة، جعلت من «إنتاج» النص، التفاعلي.. المرئي.. التشعبي عبر قواعد البيانات الرقمية، بمختلف أشكالها.. سلطة افتراضية متدفقة عبر «سلسلة» من السلطات، ليكون أضعف حلقة فيها الكاتب لتحوله إلى شخصية ثانوية في مجموعة نصوص أحدها نصه، بعد أن أصبح الوسيط التكنولوجي بطلاً، والمحتوى الرقمي حبكة محتوى رقمي!
* لكل وجود سلطة.. إلا أن «أم السلطات»، التي يفشل الكاتب في التصدي لها، الانتصار على سلطة جهله!
** **
- محمد المرزوقي