فرحان العنزي
لا شك أن توجُّه العالم للعمل في الثورة الإلكترونية محل اهتمام الجميع؛ إذ باتت جميع دول العالم تدرج التعاملات الإلكترونية في جميع الخدمات الحيوية، وبشكل خاص التعاملات التجارية. والمملكة العربية السعودية تتوجه بقوة للعمل في هذه الثورة؛ وذلك حرصًا من قيادتنا الحكيمة على مواكبة العصر والتطور والنمو للحاق بمصاف الدول العظمى.
وبما أن التعاملات الإلكترونية في وقتنا الحاضر باتت إحدى أهم الخدمات التي يحتاج إليها المواطن في حياته اليومية أوجدت حكومتنا الرشيدة العديد من الأنظمة التي تمهد لوجود أرض خصبة في المملكة العربية السعودية تحت مظلة آمنة للعمل إلكترونيًّا، وذلك من خلال جهات حكومية عدة، مثل الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وكذلك الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، لإيجاد الحلول الرقمية التي يحتاج إليها المجتمع المتطور علميًّا، ولتسهيل العمل الإلكتروني تحت لوائح قانونية، تضمن للجميع التعامل الإلكتروني الآمن، وتحفظ الحقوق لجميع الأطراف.
وقد أعدت وزارة التجارة نظامًا للعمل بالتجارة الإلكترونية، تضمّن ستًّا وعشرين مادة نظامية، وأرفقته بدليل إرشادي للمستهلك والتاجر، يوضح جميع الخطوات والمواد في نظام التجارة الإلكترونية. ولم تغفل الوزارة عن وضع لائحة تنفيذية للتجارة الإلكترونية؛ فقد اشتملت اللائحة على عشرين مادة قانونية.
وحسب الموقع الرسمي لوزارة التجارة، فإن التجارة الإلكترونية تعرف بأنها نشاط ذو طابع اقتصادي، يباشره موفر الخدمة والمستهلك بصورة كلية أو جزئية بوسيلة إلكترونية من أجل بيع منتجات، أو تقديم خدمات، أو الإعلان عنها، أو تبادل البيانات الخاصة بها..
اليوم، وفي ظل أزمة كورونا، نرى إقبالاً كبيرًا من المواطنين على التجارة الإلكترونية، سواء مستهلكًا أو مقدم خدمة، وذلك من منطلق حرص المواطنين على الالتزام بالحجر المنزلي، ومن إحساسهم بالمسؤولية الاجتماعية بالالتزام بالجلوس في البيت، والخروج للضرورة فقط «كلنا مسؤول». ورغم ما بذلته وزارة التجارة من تنظيمات لهذا العمل الإلكتروني إلا أننا نجد بعض التجاوزات، مثل بيع بعض الماركات المقلدة في مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدام حسابات بنكية خاصة للتحويل إليها، وكذلك عدم وفاء مقدم الخدمة ببعض شروط العقد مع المستهلك من جودة السلعة أو ضمانها أو وقت وصولها، وغير ذلك الكثير من المشاكل المصاحبة؛ وهو ما جعل وزارة التجارة مشكورة تتعقب هذه المشاكل بشكل يومي لحلها، ولمعاقبة المتجاوزين للوائح وقوانين التجارة الإلكترونية.
وأرى أن التجارة الإلكترونية أصبحت ضرورة ملحة حتى ما بعد زمن كورونا؛ إذ يشهد هذا النمط العالمي الجديد من التجارة إقبالاً كبيرًا؛ إذ تعد المملكة العربية السعودية من أعلى 10 دول نموًّا في التجارة الإلكترونية في العالم بنسبة 32 %، وقد وصل حجم التداولات المالية للتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية إلى 80 مليارًا خلال عام 2018، حسب موقع وزارة التجارة السعودية. ولقد جاء نظام التجارة الإلكترونية لتحفيز هذه السوق، وزيادة الثقة في تعاملاتها، وحماية حقوق المتعاملين فيها بما يعزز النمو، ويسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030.
ولا شك في أن التجارة الإلكترونية توفر على المستهلك الوقت والجهد للوصول إلى السلعة التي يحتاج إليها، والحصول عليها؛ وهو ما أوجد إقبالاً عليها من المستهلك والتاجر على حد سواء.
وبالنظر لمجتمعنا السعودي فإننا نجد إقبالاً كبيرًا على التعاملات الإلكترونية الحكومية والخاصة التي وفّرت عليه الوقت والجهد في إنجاز معاملاته، وقضاء حوائجه اليومية، مثل تطبيق (أبشر- أوبر) وغيرهما من التطبيقات الإلكترونية التي تخدم المواطن بشكل يومي.
ومن وجهة نظري، أرى أن يتوج جهد وزارة التجارة بتطبيق إلكتروني، يعمل وفق لائحة التجارة الإلكترونية ونظامها الذي أقرته وزارة التجارة، ويكون مرجعًا للمستهلك في الوصول للمتاجر الإلكترونية النظامية ذات الحسابات البنكية الرسمية، وكذلك يكون مأمنًا للتاجر أو مقدم الخدمة للعمل بشكل رسمي دون أدنى مسؤولية، وسيساعد في القضاء على المتاجر الوهمية أو التي تقوم ببيع السلع المقلدة؛ فمستقبل التجارة الإلكترونية واعد، ويحتاج إلى المزيد من الجهد لتعزيزه والنهوض به، وخصوصًا أنه يتوسع بشكل يومي، ويلاقي قبولاً من جميع طبقات المجتمع، بل أصبح ضرورة يومية.