تتشكل العوامل الرئيسة لنجاح الرياضة السعودية عبر وضع إطار إستراتيجي شامل مدعوم بخطة تنفيذية مدعومة من جميع القطاعات المعنية بهذا القطاع المهم لتنمية الفرد والمجتمع، وبالتالي تحقيق أحد أهداف رؤية المملكة 2030 وهي الرفاهية وجودة الحياة.
ومن أهم عوامل نجاح إستراتيجية الرياضة في المملكة الإبداع، مثل استخدام أدوات تحليل سياق المنافسة والديناميكية، حيث تبرز الكثير من الفرص للتميز الرياضي، وهو ما شهدته رياضة المملكة خلال العاميين الماضيين في أكثر من حدث.
ولكي تنجح عملية تنفيذ إستراتيجية جديدة ينبغي التأكد من أمرين، أولاً: اختيار نهج إستراتيجي واضح، يكون الأفضل والمناسب للمؤسسة وللأفراد، ولأن التنفيذ ينطوي على التغيير وغالباً ما يقاوم الموظفون أو المؤسسة ذلك التغيير ويرفض تقبله. الأمر الآخر هو حسن اختيار الشركة المتخصصة المنفذة للإستراتيجية أو الخبير الاستشاري، وينبغي أن يمتلك الخبير الخبرات العملية والمؤهلات الأكاديمية والعلمية والمعرفة وفقاً لمعايير واشتراطات محددة، إضافة إلى حرصه على العمل في هذا المجال تحديداً.
أما المرونة في فهم اختلاف الاحتياجات من الرياضات الفردية أو الجماعية أو احتياج المؤسسات الرياضية فتعد بلا شك من عوامل نجاح تنفيذ أي إستراتيجية في المجال الرياضي، ولأننا نتحدث عن منشآت، إدارة، أنظمة، دعم للاعبين، عناصر بشرية متخصصة، مشاركات، قياس أداء فني، وقياس أداء المؤسسات، فيجب أن تتحلى الإستراتجية بالمرونة حين جمع العناصر التي ذكرناها في خطة مع أهمية المتابعة المستمرة كي نضمن -بحول الله- الوصول للنتائج المرجوة.
الإحاطة المعرفية التامة والممارسات العملية المناسبة للمستشار في المجال الرياضي هي المفتاح الأبرز للاستعانة به في التنفيذ، كما أن إدارة الاستشاري للعملية كاملة مهم للحصول على إستراتيجية شاملة قابلة للتنفيذ، وهو ما يتيح الإحاطة الشاملة والمنطقية والقوية للخبير الاستشاري في مجال تخصصه، فضلاً عن الدراية بالجوانب الأخرى المتعلقة بمجال خبراته في تقديم مقترح وحلول تتماشى مع الأهداف المطلوبة، ومن الأهمية بمكان قضاء ما يكفي من الوقت والجهد على هذه العملية. ومن هذا المنطلق وضعت حكومة المملكة العربية السعودية ضوابط واشتراطات للشركات والمشاريع الوطنية لاختيار الخبراء الاستشاريين أو الشركات الاستشارية لتنفيذ الإستراتيجيات أو للعمل في السوق السعودي.
إن فهم الاحتياجات وتحديد الأهداف الإستراتيجية وتحضير متطلبات تنفيذها بشك صحيح سيضمن للمؤسسة تقديم إستراتيجية قابلة للتنفيذ. أما وضع عدد من المحاور على الورق أمر يختلف تماما عن مفهوم الإستراتيجية وبالتالي عدم فهم الاحتياجات وتحديد الأهداف سيكون مجرد فرضيات يتم وضعها على أحد الأرفف.
وفي مجال الرياضة ينبغي أن يكون الخبير الإستراتيجي القائم على التنفيذ سبق وأن قام بتلك المشاريع أو بمشاريع مشابهة، وذلك يضمن تنفيذ الإستراتيجية بشكل سليم. ومن الأهمية بمكان وجود شخصيات وطنية تفهم الثقافة المحلية وتكتسب الخبرة في هكذا إستراتيجيات، وهو ما سيتيح لهم فيما بعد المضي قدماً في معالجة الإشكاليات المتعلقة بالتنفيذ، لا سيما وأن العمل الرياضي يعتبر من أصعب عمليات البناء، حيث إننا لا نتعامل فقط مع إجراءات ومؤسسات فقط، بل مع عامل بشري إنساني له انعكاسات نفسية وبدنية.
وبمجرد الانتهاء وتسليم وثيقة الإستراتيجية، يتبادر سؤال مهم عن كيفية تحويل البيانات الخام المتوفرة إلى خطط وبرامج تنفيذية ومن سيقوم بالتنفيذ وعن الطريقة ومن المسؤول عن التنفيذ، وكذلك عن المدة الزمنية والتكلفة ومؤشرات الأداء للنتائج المتوقعة.
ويجب أن ندرك حجم الفرق بين العمل التنفيذي والإستراتيجية من حيث المهمة والرؤية والإستراتيجيات والإجراءات، وبين تصميم الإستراتيجية وتطبيقها، خاصة في جوانب تتعلق بمعايير «القرارات» ومصدرها، وعدد «الإجراءات» وحجمها، لهذا أنشئ مكتب إدارة الإستراتيجية لسد الفجوة بين العمل التنفيذي وتصميم الإستراتيجية، لإحداث التأثير الكبير والإيجابي على أداء المؤسسة، حيث يعمل المكتب على تسهيل وتنظيم ووضع الخطة الإستراتيجية للمؤسسة أو للمنظمة والإشراف على تنفيذها ومتابعتها، وتحديد الأهداف وما يدعمها من المبادرات اللازمة وتنسيق البرامج الإستراتيجية، وتطبيق أنظمة الجودة.
تعتبر المملكة نموذجاً دولياً متقدماً في تطبيق مفاهيم الإدارة الإستراتيجية والاتجاهات الحديثة للفكر الإستراتيجي، وتمثل ذلك في جميع مبادراتها ومشاريعها الحكومية أو حتى في أعمال القطاعات بأنواعها، حيث هيأت رؤية 2030 البيئة المناسبة والتنافسية العالية للأعمال، وخلقت سوق جاذب لكبرى الشركات والمكاتب الاستشارية العالمية، وكان للرؤية الدور الأكبر في تعزيز معرفة الإدارات العليا بمفاهيم وأساليب الإدارة الإستراتيجية في منظمات الأعمال، وكذلك أوضحت مزايا وأهمية تطبيق وممارسة الفكر الإستراتيجي في مختلف الإدارات وأثرها في تطوير الأداء ورفع الإنتاجية وتحقيق النمو، كما وفرت كل الموارد والحلول للمعوقات والمشاكل التي تواجه قطاع الأعمال في تطبيق أوتنفيذ الإستراتيجات.
** **
- المأمون الشنقيطي