د. أحمد الفراج
على الرغم من أن نعوم تشومسكي يعتبر أبرز المفكرين على قيد الحياة، إلا أنه نادراً ما يستضاف في منصات الإعلام الغربي، وذلك لمواقفه من النظام السياسي العالمي، ومن النظام السياسي الأمريكي، وإسرائيل، على وجه الخصوص، ولذلك فمعظم أطروحاته تُقام للنخب، في الأقسام الأكاديمية في الجامعات، وهو يتحدث بشكل مستمر عن أبرز المخاطر التي تواجه العالم، ومنها ظاهرة الاحتباس الحراري، وموقف الجمهوريين منها، وعن الصراعات العالمية، وعودة التوتر بين الغرب والشرق، فقد تحدث قبل سنوات لصحيفة المانيفستو الإيطالية، وذكر أن الجنس البشري يواجه تحدياً غير مسبوق، مؤكداً على أن العالم يقف على مفترق طرق لم نشهده من قبل، وبالتالي علينا أن نقرر ما إذا كنا نرغب في إنقاذ البشرية ونحافظ عليها كما عرفناها، أم أننا سنخلق دماراً شديداً لا يمكن تصوره، وهو هنا يتحدث عن ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي يقف منها الجمهوريون موقفاً سلبياً، رغم مخاطرها الشديدة، حسب معظم الدراسات العلمية.
تشومسكي، ومنذ فوز الرئيس ترمب بالرئاسة، يتحدث كثيراً عن التوترات الإستراتيجية المتصاعدة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ويذكر الناس بمقولة جورج كينان، التي تؤكد على أن الرادع النووي قد يقضي على الجنس البشري، لأن الأحداث قد تنفجر في أي لحظة، في هذا العالم المتوتر في كل جزء منه، كما يستشهد بالمفكر البرت اينشتاين، الذي سُئل عن ماهية الأسلحة التي ستستخدم بعد السلاح النووي، فقال: «الفأس الحجري»!، ومع التوتر الحالي بين أمريكا والغرب عموماً من جهة والصين من جهة أخرى، بسبب تداعيات جائحة كورونا، يكرِّر تشومسكي تحذيراته، بل يصرخ محذِّراً من نشوب حرب عالمية تتسبب بفناء الجنس البشري، وغني عن القول أن تشومسكي مفكر يساري، وبالتالي يبالغ في قراءاته التشاؤمية، إلا أن هناك من يجزم بأن الأمر مختلف هذه المرة، في ظل وجود زعيم محافظ في أمريكا، وفي ظل صعود صاروخي للصين نحو الريادة العالمية، وهو الأمر الذي لن تسمح أمريكا بحدوثه، فهل نحن حقاً في مواجهة مستقبل مجهول، أم أن تحذيرات تشومسكي هذه المرة هي ذاتها، التي يطلقها منذ عقود، دون أن تتحقق، فالتاريخ الحديث علّمنا أن القوى العظمى تصل إلى نقطة التصادم، ثم تتصالح قبل حدوث الانفجار!