عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد
تمر بنا هذه الأيام ذكرى عزيزة وغالية على الجميع، هي ذكرى مبايعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، ومرور ثلاث سنوات على تلك المبايعة، ونحن بهذه المناسبة الكريمة نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام سيدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله وأمد في عمره-، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -أمده الله بالصحة والعافية والتوفيق-.
هذه المناسبة تمر هذا العام والمملكة تعيش أحداثاً كبيرة، أولها مقاومة انتشار فيروس الكورونا وحماية الشعب السعودي والمقيمين على هذه الأرض الطاهرة من هذه الجائحة، وتقليل خسائرها البشرية والمادية إلى أقل ما يمكن، والحمد لله أن المملكة قد نجحت نجاحاً كبيراً في هذا المجال فاق نجاحات الدول المتقدمة، بل تميَّز عن جميع دول العالم على الكرة الأرضية، فالوفيات قليلة جداً والأسرّة والعناية الطبية متوافرة، ولم يستعمل منها إلا القليل، والعلاج متاح مجاناً للمواطنين والمقيمين وحتى لمخالفي الأنظمة والتعليمات، وكان شعار المملكة في ذلك «الإنسان أولاً».
الحدث الثاني هو رئاسة المملكة لمجموعة العشرين العالمية التي تعتبر حدثاً تاريخياً مهماً للمملكة وللعالم كله، وقد بدأت المملكة الاستعدادات المطلوبة لهذه الرئاسة وإنجاح القمة عند عقدها، بل إن المملكة سبقت الانعقاد بقمة استثنائية عن بُعد ضمّت كل قادة الدول في أول شعبان 1441هـ، وصدرت عنها قرارات مهمة جداً بالنسبة لجائحة العالم «كورونا» والحد من تأثيرها على البشرية والاقتصاد العالمي، ووافقت القمة برئاسة المملكة على وضع خطط وبرامج استثنائية تحقق، ليس لشعوب تلك الدول بل للبشرية والعالم بأسره، الخير والسلامة والنمو، وتعهدت بتشكيل جبهة موحدة لمقاومة الجائحة ولدعم الدول النامية ضد تفشي الكورونا، وذلك بضخ خمسة تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، ولم تكتفِ المملكة بهذه القمة التي أنجزت الكثير والكثير، بل دعت الدول العشرين إلى عقد مؤتمر عبر الفيديو لوزراء التجارة والمالية والنفط والصحة لدول العشرين، فعقدت مؤتمراً عن بُعد لدول العشرين في بداية شهر رمضان، اتخذوا من خلاله عدة قرارات مهمة جداً لتوفير السلع والمؤن للعالم وبأسعار معقولة، وتسيير حركة التجارة والبضائع بين دول العالم، وبذلك تحولت المملكة إلى مركز لصنع القرارات العالمية.
الحدث الثالث الذي واكب هذه المناسبة انخفاض أسعار البترول إلى الحد الذي كاد أن يؤدي بالاقتصاد العالمي إلى الدمار، وكعادة المملكة وقيادتها الرشيدة هبّت وعالجت الأمر بحكمة وبسرعة وبذكاء وعقلانية، وبالتنسيق مع الدول المنتجة للبترول والدول المستهلكة له، حتى عادت الأمور إلى المستويات المقبولة للجميع، وهذا شكّل نجاحاً عظيماً للقيادة السعودية لن ينساه العالم.
بالإضافة إلى هذه الأحداث المتسارعة والمعقدة والشاملة للكرة الأرضية التي صمدت لها القيادة السعودية وتعاملت مع كل منها بحكمة وروية وحزم وبُعد نظر، إلا أن القيادة لم تنسَ ولم تتساهل في خضم هذه الأحداث مع قضايا التنمية، فاستمرت المشاريع العملاقة التي بدأ تنفيذها في أنحاء المملكة كافة، كما استمرت حرب الحزم والعزم على وكلاء إيران في اليمن المتربصين بالمملكة وأمنها واستقلالها شراً، كفانا الله شرهم، ورد كيدهم في نحرهم، كما لم تنسَ القيادة الحكيمة محاربة الفساد والقضاء عليه، وتمكين المرأة السعودية من العمل والمشاركة في تنمية المجتمع.
لقد مرّت المملكة بتجارب مماثلة، ومع كل تجربة تثبت قيادتنا كفاءتها ومقدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة، وعلى معالجة الأحداث، وتظهر بعد كل حدث أقوى عوداً، وأصلب إرادة.
بهذه المناسبة الكريمة الغالية على الشعب السعودي، نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن يعيد عليهم هذه المناسبة أعواماً عديدة وهم يرفلون بالصحة والعافية، مبتهلين إلى العلي القدير أن يمنحهم الصحة والعافية ويمدهم بالتوفيق والسداد، ويحقق على أيديهم ما نصبو إليه من عزة وسؤود وتقدم وازدهار وأمن وأمان، حفظ الله المملكة، وحفظ الله لها قادتها وشعبها فهو ولي ذلك والقادر عليه.