د. عبدالرحمن الشلاش
«القعدة في البيت» أو «خليك في البيت» أو «الزم بيتك» كلها عبارات تدل على معنى واحد لا ثاني له، هو الجلوس في البيت، والبقاء فيه أطول وقت ممكن، وعدم مغادرته إلا للضرورة القصوى بسبب جائحة كورونا ونداءات وزارة الصحة بالتباعد وعدم الاختلاط خوفًا من العدوى وانتقال الفيروس؛ وبالتالي تفشي الوباء.
يعتقد البعض أن هذه القعدة مشكلة المشاكل، وأنها تجلب الملل والطفش؛ وبالتالي تحول نوعيات من البشر إلى أناس يعانون نفسيًّا, ومنطوين عدا أولئك الذين ينامون طيلة النهار، ثم يتجولون طوال الليل في المنزل, بينما يقوم الأب بتأمين كامل الأرزاق طيلة وقت السماح!
مفهوم القعدة في البيت بهذا الشكل ستكون له نتائج سيئة في المستقبل؛ إذ ستزيد أوزان الأجسام, وقد تتأثر بعض النفسيات على المدى الطويل، وهذه بالذات يُسأل عنها المتخصصون في علم النفس. التبلد والاستسلام للأفكار السلبية سيؤديان لمثل هذه النتائج السيئة؛ لذلك سيسأل البعض: ما الحل في مثل هذه الحالة, وهي دون شك حالة عامة، ليس في السعودية فقط وإنما في جميع أرجاء العالم. وهذه الحالة استثنائية ستنتهي بزوال الوباء بإذن الله؟ الحل عدم الاستسلام أو ممارسة سلوكيات غير جيدة، مثل الأكل والنوم الطويل وعدم ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة المنزلية، منها رياضات سهلة وميسرة، وتمارَس في المنزل، مثل الدراجة الثابتة، والمشي لمسافات قصيرة، والتمارين الأرضية أو الهوائية «الأيروبيكس»، وتمارين الأثقال.. فمثل هذه لا تحتاج لمساحات كبيرة.
أيضًا القراءة، والعمل عن بُعد، والتواصل مع الجميع عن طريق التطبيقات الجديدة التي سيكون لها شأن كبير في المستقبل بعد زوال كورونا، سواء في العمل أو الدراسة أو التسوق ونحو ذلك.
كنا حين نسأل قبل كورونا عن أحوالنا نتعذر بالانشغال طوال الوقت، واليوم ما هو عذرنا ونحن نمضي معظم الوقت في البيت؟ أكيد لا عذر لنا؛ فقد أصبحنا على مقربة من الأبناء ومن الأهل ومن أفراد الأسرة كافة، نجلس معهم وقتًا طويلاً، نفتح معهم موضوعات، ونقترب منهم؛ فنعوضهم عن سنوات مضت.
أسأل بعض من أثق في أهمية الوقت عندهم فأجد منهم من انشغل بالقراءة أو الكتابة أو إنجاز بعض المتأخرات.
القعدة في البيت رُبّ ضارة نافعة، لكن الأهم أن نستثمرها بصورة مثالية.