سمر المقرن
أبحرت سفينة اليوتيوب في سماء الدنيا عام 2005م، وقد حددت إدارتها اشتراطات خاصة بأن محتويات ثالث أكبر موقع في عالم الإنترنت بعد موقعي جوجل والفيس بوك لمن هم أكبر من 13 عاماً، ورغم ذلك فالواقع حطَّم تلك الاشتراطات وضرب بها عرض الحائط، مما جعل ملايين الأطفال حول العالم يقعون فريسة سهلة لما يُبث عبر تلك المنصة الخطيرة ويطالعونها ليلاً ونهاراً دون رقيب أو حسيب. وبلا شك هناك فوائد جمَّة من تلك القنوات فيها فيتعلمون من بعضها مهارات ولغات وأشياء كثيرة تفيدهم في حياتهم، ولكن أحياناً تأتي رياح السفينة بما لا تشتهي سفن الآباء والأمهات، مثلما حدث مؤخراً عندما تم بث بعض مقاطع فيديو موجهة للأطفال وتضمنت معلومات خاطئة ومرعبة عن جائحة كورونا، منها الاستهانة بهذا الوباء العالمي وبالإجراءات الاحترازية للوقاية منه والحد من إصاباته التي تسببت في وفاة كثير من المرضى حول العالم، في المقابل ظهرت مقاطع أخرى نشرت الهلع والخوف بين الأطفال وأشاعت بسخرية أنه يستهدف القضاء على الأطفال وهي أقاويل لا أساس لها من الصحة، كل ذلك يجعلنا نتوقف كثيراً ونعيد ترتيب أوراقنا عن تلك المنصة الخطيرة، فلا يجب أن نترك أطفالنا ضحايا لبعض الفيديوهات التي تبث من خلالها، فهناك مئات القنوات التي تخاطب ود الصغار وتستغل محبتهم لبعض الشخصيات الكرتونية أو الحقيقة، وتدس السم في العسل عبر بث محتويات غير أخلاقية وتدعم السلوكيات الخبيثة. وأحياناً تبث قصص رعب وأساطير تنشر الفزع والهلع بين الأطفال وتصيبهم بأمراض نفسية عديدة تؤثِّر سلباً على بنيانهم العقلي والنفسي الذي سيحدّد سمات شخصياتهم فيما بعد، ومن ثم يجب أن تكون هناك رقابة أبوية على ما يشاهده الأبناء في هذه المنصة سواء بالتواجد مع أبنائهم بحيث يصححون لهم أي مفاهيم خاطئة قد يشاهدونها أو باستخدام برامج مجانية تتحكّم فيما يشاهده الأبناء و تمثِّل فلترة وصمام أمان لما يشاهدونه.
أما القائمون على يوتيوب فأتمنى منهم مراعاة ضمائرهم، بمراقبة ووضع معايير أخلاقية أشد على ما يتم بثه ليتلاءم مع الصحة النفسية لأطفالنا، فقد صار متاحاً بث أي مقطع فيديو مهما كان محتواه إلا من اشتراطات متساهلة تغفل أمان الصغار مما ينذر بكارثة عظمى، فمن يضمن عدم بث مقاطع تغرس سلوكيات إرهابية في نفوس صغارنا وتحاول أن تهدم في دقائق ما تبنيه التنشئة من سلوكيات حميدة، أضف إلى بعض المقاطع التي تعزِّز العنف لدى الأطفال وتستثيره وللأسف أن من هذه المقاطع ما يُدار بسيناريو وتصوير -بعض- الآباء، ما يعطينا مؤشراً على وجود خلل فكري قد يدمر مفاهيم إيجابية لدى كثير من أبناء هذا الجيل!