تقرير - منيف خضير الضوي:
أثبتت تطورات الأحداث في العالم، أنه لا غنى عن الدور السعودي السياسي والاقتصادي في حفظ استقرار المنطقة، وفي حفظ استقرار النفط حول العالم.
الرياض أثبتت غير مرة أنها تقود قاطرة أسواق النفط في العالم وصمام أمانه، وهي لاعب رئيس لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط العالمية، وقد أدركت الدول العظمى ذلك، فبنت علاقات إستراتيجية مع الرياض يحكيها التاريخ الحديث للمملكة العربية السعودية، والتي لا تفكر في مصالحها الاقتصادية فقط، ولا تستغل المواقف لصالحها فقط، ولا تناور ولا تخادع، هذه هي سياسة المملكة على مدى عقود طويلة، ومع هذه الظروف التي يجتاح فيها فيروس كورونا العالم، ومع اختلال أسواق النفط العالمية، تتجه أنظار العالم مرة أخرى إلى السعودية وإلى ربان التجديد وعراب رؤية 2030 ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
مناشدة مجلس الشيوخ الأمريكي لولي العهد
لأول مرة في التاريخ الحديث، بعث 13 عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي بقيادة دان سوليفان وكيفن كريمر، رسالة إلى ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، يحثون المملكة العربية السعودية على وقف الجهود الأخيرة لتعزيز إنتاج النفط مع هبوط أسعار النفط، في الوقت الذي تكافح فيه الولايات المتحدة وبقية دول العالم من الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا «كوفيد- 19». وبحسب صفحة العضو دان سوليفان على (موقع مجلس الشيوخ الرسمي) كتب أعضاء مجلس الشيوخ «بما أن الولايات المتحدة وبقية العالم - بما في ذلك المملكة العربية السعودية - تتعامل مع استجابة الجائحة وتخفيفها والوقاية منها، فإن الأثر الإضافي لأسواق الطاقة العالمية غير المستقرة هو تطور غير مرحب به». وطلب الأعضاء الـ13 الموقعون على الرسالة والمنتمون للحزب الجمهوري من ولي العهد السعي لتهدئة الاضطرابات التي انتابت أسواق النفط العالمية، من خلال إعادة النظر في قرارات خفض أسعار النفط الخام السعودي وتعزيز الإنتاج بغرض كبح جماح الذعر الذي اجتاح الأسواق العالمية. وقال الأعضاء:
«لطالما كانت الولايات المتحدة شريكا قوياً وموثوقًا به للمملكة العربية السعودية لعقود طويلة. وفي ضوء هذه العلاقة الإستراتيجية الوثيقة، فإننا نعرب عن اهتمامنا لرؤية صدور توجيهات من وزارة الطاقة السعودية لخفض أسعار النفط الخام وزيادة الطاقة الإنتاجية، بغرض التهدئة للاضطرابات في الأسعار في أسواق النفط العالمية، والتي كانت على رأس الأسواق المالية التي تضررت بالفعل».
وتأتي الرسالة مناشدة لولي العهد لإبطاء بعض الإجراءات التي اتخذتها وزارة الطاقة السعودية، وكان من شأنها وقف ارتفاع أسعار النفط الخام العالمية.
أعضاء مجلس الشيوخ الموقعون على الرسالة
دان سوليفان، كيفن كريمر، ليزا موركوسكي، رون جونسون، جون كورنين، جون كينيدي، جون هوفن، وبيل كاسيدي، جون باراسو، توم كوتون، جيمس لانكفورد، تيد كروز، جيمس إنهوف.
ترامب والدور السعودي في ظل جائحة كورونا
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة:
«تحدثت للتو مع صديقي محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، الذي تحدث مع الرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين. وأتوقع وآمل أن يخفضا الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل وربما أكثر من ذلك بكثير، إذا حدث ذلك، سيكون رائعًا لصناعة النفط والغاز».
«Just spoke to my friend MBS (Crown Prince) of Saudi Arabia, who spoke with President Putin of Russia, AND I expect الجزيرة hope that they will be cutting back approximately 10 Million Barrels, and maybe substantially more which, if it happens, will be GREAT for the oil الجزيرة gas industry!»
يأتي ذلك إدراكاً من الولايات المتحدة الأمريكية للدور السعودي الريادي في استقرار أسعار النفط العالمية، بعد أن صرحت المملكة أنها تعتزم زيادة حصتها الإنتاجية اليومية إلى أكثر من 12 مليون برميل في أبريل من العام الجاري 2020، وجاءت الدعوة بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأمريكي وولي العهد السعودي حول أوضاع أسواق الطاقة في العالم في ظل تراجع الأسعار.
وشكلت الرياض قطبًا مهمًا في العالم مع أقطاب دول العالم المؤثرة كروسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية في دعم واستقرار أسعار النفط.
قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول إنه يأمل أن يعيد اجتماع لمجموعة العشرين الاستقرار لأسعار النفط، إذ تتضرر أسعار الخام بشدة من أزمة فيروس كورونا وخلافات بين دول منتجة للنفط.
يؤكد بيرول أن السعودية تقوم بعمل كبير لتحقيق استقرار الأسواق، وهذا ما تفعله منذ سنوات «استجابة السعودية التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين لاقتراح الوكالة عقد اجتماع استثنائي للمجموعة مهمة ومن المشجع رؤية دول تمثل ما يزيد عن 70 % من إنتاج النفط العالمي و80 % من الاستهلاك تجتمع معا لإجراء حوار بناء».
بوتين واتصالات مكثفة
بولي العهد
وفي 11 إبريل قالت وزارة الخارجية السعودية، عبر تويتر، إن ولي العهد ناقش مع بوتين الجهود المبذولة لتحقيق استقرار أسواق الطاقة والمحافظة عليها لدعم نمو الاقتصاد العالمي، كما جرى التأكيد على أهمية تعاون جميع الدول المنتجة في ذلك، وجاء نص التغريدة كالتالي:
«#ولي_العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس #روسيا الاتحادية، جرى خلاله استعراض الجهود المبذولة لتحقيق استقرار أسواق الطاقة والمحافظة عليها لدعم نمو الاقتصاد العالمي،كما جرى التأكيد على أهمية تعاون جميع الدول المنتجة في ذلك».
وكان فلاديميربوتن (رئيس روسيا) قد قال عن سمو ولي العهد في حديث تناولته وكالات الأنباء العالمية في وقت سابق «يحقق أهدافه بذكاء ويتمتع بنشاط غير مسبوق»، وجاء الاتفاق الذي توصلت إليه دول منظمة أوبك وحلفاؤها «أوبك»، ومنها روسيا، بتقليص الإنتاج بنحو 10 في المئة لمواجهة تراجع الطلب الناتج عن سياسة الإغلاق التي فرضتها دول بسبب انتشار فيروس كورونا جاء ليعزز هذه العلاقة التي ستنعكس على استقرار أسواق النفط العالمية.
لا سيما وأن «الاتفاق التاريخي» يعكس تعاونًا بين المملكة وروسيا وأمريكا، وأنه سيحوّل «حرب الأسعار»، الناتجة عن إغراق الأسواق بالنفط، إلى تعاون عالمي بسبب «عودة المياه إلى مجاريها» بين أوبك وحلفائها، ولاسيما العلاقات النفطية السعودية - الروسية والذي سينعكس إيجابيًا على استقرار الأسواق.
وأكد الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديمتريف (في تصريح نشره موقع العربية 13 أبريل 2020) على أن «الاتفاق أزال جميع الخلافات»، مشيدًا بـ»حكمة الرئيس بوتين، وخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذين يرجع لهم الفضل بالفعل لجمع الأطراف كافة»، وقال:
«أخص بذلك جهود الأمير محمد بن سلمان الذي اجتهد بالعمل مع روسيا منذ 5 أعوام وهو ما نتج عنه اتفاقات عدة في قطاع النفط إضافة إلى الاستثمارات المشتركة».
دعم أوبك على مدى 59 عاماً
في أحدث تقاريرها الصادرة أكدت أوبك عن طريق الأمين العام للمنظمة محمد باركيندو الدور الكبير الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في دعم أوبك على مدى 59 عاماً هي عمر المنظمة، وقال الأمين العام للمنظمة: «إن جهود التعاون بين دول (أوبك) ونظرائها غير الأعضاء في المنظمة على حد سواء تعززت على نحو كبير بفضل الدور الكبير الذي تقوم به السعودية في دعم (أوبك)».
وأضاف التقرير نقلاً عن باركيندو أن السعودية تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين وبدعم من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يتم تحويل المملكة من خلال «رؤية السعودية 2030» إلى قوة عالمية في مجال الاستثمار نظرًا لموقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يربط بين ثلاث قارات. وذكر التقرير أن المنظمة استفادت بشكل كبير من الرؤية الثاقبة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي لعب دورًا حاسمًا في ضمان اعتماد (إعلان التعاون) والتنفيذ الناجح والمتواصل له، مشيراً إلى أن ولي العهد دعم باستمرار الالتزام بالاتفاق، كما دعم منظمة «أوبك» على وجه الخصوص، من خلال تأكيده المستمر على ضرورة تقوية الحوار والتعاون بين كل أطراف الصناعة وتعزيز العمل المشترك بين دول «أوبك» وخارجها من أجل التأكد من تحقيق السوق المستقرة وأن تكون لدينا إمدادات مستدامة من النفط وليس هناك نقص في المعروض وأن هناك طلبًا جيدًا بشكل مستدام أيضًا.
وذكر التقرير أن دور السعودية في سوق النفط يتسم بالريادة في مواجهة كل التحديات على مدار تاريخ المنظمة، حيث أسهمت السياسات السعودية في استقرار السوق وازدهار الصناعة.
حديث ولي العهد لوكالة بلومبيرغ الأمريكية
في مقابلة مع وكالة «بلومبيرغ» الأمريكية أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن سعر النفط يعتمد على العرض والطلب ونحن لا نقرر إذا كان صحيحا أم لا.
وأشار ولي العهد السعودي إلى وجود طاقة إنتاجية فائضة لدى السعودية تصل إلى 1.3 مليون برميل نفط يوميًا، مجدداً التأكيد على حرص المملكة على توازن المعروض النفطي مع الطلب عليه.
بلومبيرغ: كم تنتج المملكة بسبب ذلك؟
محمد بن سلمان: اليوم ننتج نحو 10.7 مليون برميل يوميًا
بلومبيرغ: ماذا عن الأشهر القليلة القادمة؟
محمد بن سلمان: لدينا مخزونٌ احتياطي يقدر بـ 1.3 مليون برميل يوميًا دون أي استثمار؛ لذا فلدينا في السعودية 1.3 مليون برميل يوميًا جاهزة في حال احتاج السوق لذلك، ومع دول منظمة أوبك ودول خارج المنظمة نحن نعتقد أن لدينا أكثر من ذلك، أكثر من ذلك بقليل. وبالتأكيد هناك فرصة للاستثمار خلال ثلاثة إلى خمسة أعوام قادمة.
منتدى الطاقة الدولي في الرياض
منتدى الطاقة الدولي ومقره في الرياض يعد مظلة متفردة ومتميزة تجمع كل من المستهلكين والمنتجين من أجل التعاون المشترك في قضايا الطاقة وتبادل المعلومات واكتساب فهم أعمق لوجهات نظر كل الأطراف، وتنظيم السعودية لعدد من الاجتماعات والمؤتمرات والندوات الناجحة يمثل علامة لا تمحى في دفع المنظمة إلى الأمام.
يقع مقر منتدى الطاقة الدولي في مدينة الرياض، وكانت حكومة المملكة العربية السعودية قد قامت بمنح لمنتدى الطاقة الدولي أرضًا في حي السفارات في العاصمة الرياض لإقامة مقرها الرئيس، كما تكفلت بإنشاء المبنى الذي يشتمل على دورين وتبلغ مساحته نحو 3000 متر مربع مع غرف إضافية تبلغ مساحتها 224 متر مربع مجهز بكل الاحتياجات والمتطلبات اللازمة، كما يحتوى المبنى على مكتبة وقاعة مؤتمرات مجهزة بأجهزة حديثة تتسع لأكثر من مئة مشارك. وهو أكبر تجمع متكرر لوزراء الطاقة في العالم، يعد المنتدى تجمعًا فريدًا من نوعه حيث إن المشاركين ليسوا فقط من وكالة الطاقة الدولية ودول أوبك، ولكن أيضاً من الجهات الفاعلة الدولية الرئيسة مثل الصين والبرازيل والمكسيك والهند وجنوب إفريقيا وروسيا، وتشكل ملكية دول منتدى الطاقة الدولي أكثر من 90 % من النفط العالمي وإمدادات الغاز.
وشهد عام 2003م تأسيس الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي في الرياض، وعُقد في فبراير من عام 2011م اجتماع استثنائي لوزراء ومسؤولين كبار من 90 دولة منتجة ومستهلكة، حيث تمت المصادقة على ميثاق منتدى الطاقة الدولي، والذي سيكون له دور حيوي وبنَّاء على الساحة العالمية في السنوات القادمة، والذي من شأنه أن يخدم مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تنمية الاقتصاد العالمي. إضافة إلى ذلك فإن المملكة تربطها علاقات تعاون وثيقة مع منظمات الطاقة الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة، التي تضم الدول الرئيسة الصناعية الأكثر استهلاكاً للطاقة.
فالمملكة تؤمن بضرورة - وتعمل على إيجاد - تعاون دولي مستمر ومثمر يسهم في إيجاد مناخ بنَّاء من الحوار والتفاهم يهدف إلى استقرار السوق البترولية الدولية، مما يعزز أهمية وحيوية البترول، ويمكّنه من لعب دوره كمصدر أساس للطاقة يعتمد عليه العالم من أجل الرخاء والنمو الاقتصادي.
ولي العهد في عيون
الصحافة العالمية
شغل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صفحات وسائل الإعلام الأجنبية، بشكل مكثف على مدار السنوات الماضية، واحتل مساحات واسعة من صحفها بشكل رئيس لا سيما بعد أن قاد دفة التحول عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل القومي، والتفكير في صياغة نسق مغاير لاقتصاد المملكة، ضمن رؤية 2030 الشاملة.
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عدت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «عراب مرحلة التغيير التي تمر فيها السعودية»، من خلال رؤيته الطويلة الأمد لإيجاد بيئة صحية في مجال السياسية والاقتصاد، وجعل السعودية بلدًا ذا مكانة اقتصادية بعيدًا عن المجال النفطي.
كما لقبت صحيفة الإندبندنت البريطانية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بـ»المصلح الاقتصادي الجريء» والسياسي القوي الذي استطاع في مدة وجيزة بناء سياسة خارجية قوية للمملكة العربية السعودية.
من جانبها وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالشاب الطموح الذي أتى في وقت صعب جدًّا من حيث النزاعات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، وتمكن الأمير الشاب من بناء علاقات قوية ومتينة مع القادة الأجانب في الفترة السابقة بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأضافت النيويورك تايمز إن «الأمير محمد بن سلمان يعمل بجد منذ مدة طويلة على خطة إصلاح شاملة في البلاد، وبناء اقتصاد متنوع والحد من الاعتماد الكلي على النفط ومشتقاته».
وقالت شبكة «سي إن بي سي» الأمريكية، الأمير محمد بن سلمان، بأنه القادر على تغيير العالم؛ حيث إن خططه الاقتصادية ستسهم في تحقيق الحلم السعودي بتنويع مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد على النفط وحده. وأضافت أن رؤية ولي العهد السعودي تمكّن بلاده من امتلاك كبريات الشركات العالمية، ووضع الاقتصاد السعودي في قمة الصدارة العالمية.
وتطرقت ويست فرانس الفرنسية أيضاً للإصلاح العام في المملكة، وركزت على الدور الإصلاحي للأمير محمد بن سلمان في الاقتصاد السعودي بإطلاقه مشاريع اقتصادية مختلفة.
فيما وصفت الصحافة الفرنسية عموماً التغييرات الأخيرة بالخطوة المهمة التي تؤكد قوة المملكة واقتصادها، والعمل على تغيير ملامح وصورة السعودية التي تعد حازمة فيما يتعلق بأمنها وأمن المنطقة.
وفي السياق ذاته أشادت الصحف الهندية والباكستانية بالجهود الإصلاحية التي يتبناها ولي العهد السعودي والذي يسعى لإنهاء اعتماد السعوديين على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي، وتنويع مصادر الدخل، وتمكين المرأة، ووضع حلول للبطالة وفتح مجالات اقتصادية أكبر وجذب الاستثمارات الخارجية مع العمل على الإصلاحات الاجتماعية.