في غضون سنوات قليلة تمكنت شركة نايف الراجحي الاستثمارية في تحقيق العديد من استراتيجياتها؛ إذ قطعت أشواطًا كبيرة في سوق الأعمال السعودي والخليجي متوسعة إلى السوق العالمي. وتمتلك الشركة رؤية مختلفة، وترى أن التنوع التجاري هو أهم أدوات النجاح في عالم الاستثمار؛ لذلك وظَّفت الشركة الخبرات العالمية، وجنَّدت طاقاتها؛ لتتبوأ مكانة متميزة في عمليات الاندماج والاستحواذ؛ إذ استثمرت الشركة في مجال الخدمات والصناعة؛ لتتميز بها كما في المجال العقاري وأسواق المال.
ولأن للمجموعة نشاطات استثمارية متنوعة، وخططًا مستقبلية واعدة على الأصعدة كافة، تهدف إلى إيجاد الفرص في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، ووضع خطط استباقية بعيدة المدى؛ لتحقيق إنجازات نوعية.
وقد كان لنا هذا الحوار مع رجل الأعمال نايف صالح الراجحي رئيس مجلس إدارة الشركة ومديرها التنفيذي:
* المتابع لنشاط المجموعة يلاحظ التنوع في أنشطتها. إلى أي مدى يحقق ذلك التميز في مجال الاستثمار؟
تعتمد شركة نايف الراجحي الاستثمارية مفهوم التنوع الاستثماري مبدأ لها في العمل منذ نشأتها؛ إذ نرى أن التنوع في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتعدد المجالات الاستثمارية، من شأنهما تنويع مصادر الدخل، وتوزيع المخاطر لتقليلها.
* كيف تحققون هذا التنوع في المجموعة؟ وما هو معيار اختيار المجال الذي تستثمرون فيه؟
تتم دراسة القطاعات الموجودة في السوق من قِبل فريق عمل الشركة، كما تتم مراجعة ودراسة الفرص الاستثمارية وتحليلها، وانتقاء الفرص ذات المستقبل الواعد التي تتميز عن مثيلاتها من حيث الفكرة وآلية التنفيذ، إضافة للتأكد من أهمية اختيار الفرصة للمجموعة لدينا، وأن تكون قيمة مضافة لاستثماراتنا عبر وجود خطط تنفيذية واضحة، وفريق عمل حريص على تحقيق الأهداف المرجوة. وتستثمر شركة نايف الراجحي الاستثمارية في مجموعة كبيرة من الشركات في 13 من القطاعات المختلفة؛ إذ تقود شركة نايف الراجحي الاستثمارية الشراكة؛ فتقدم الدعم والمساعدة المطلوبة منها كشريك، إلى أن تثبت الشركة ملاءتها وقوتها، وتنطلق في قطاعها؛ لتثبت مكانتها بين المنافسين؛ لذلك تقتضي رؤية الشركة أن نكون حريصين على انتقاء الفرص التي تظهر أمامنا. ولأن سياستنا هي التنوع فلم تقتصر استثماراتنا على الشركات الكبيرة فحسب، بل في الواقع كانت بداياتنا مع الشركات الصغيرة التي تمكنّا من رفع كفاءتها وإيصالها إلى الريادة. وقد تمكنا في ذلك بفضل من الله، وبدأت رحلتها في تحقيق الإيرادات والنمو. واليوم نحن نعمل ونستثمر مع مجموعة متنوعة من الشركات المحلية والعالمية، كما نرصد الامتيازات الناجحة باستمرار. وبشكل عام فإن الأمر لا يتعلق بحجم الشركات، بل بالإمكانيات التي نراها فيها، والفارق الذي يمكن تحقيقه على المدى المتوسط.
* ما أبرز المجالات الاستثمارية للمجموعة؟
تتنوع المجالات والقطاعات، ولعل أبرزها، الذي يأتي في مقدمتها، هو القطاع العقاري. وهو قطاع متنوع بحد ذاته؛ إذ تنوعت محفظتنا للتطوير العقاري؛ لتشمل مشاريع مختلفة، منها السكني والتجاري، ومشاريع الضيافة، إضافة إلى المشاريع ذات الاستخدامات المتعددة. وتتميز أنشطتنا في هذا القطاع بأننا ننفذ المشاريع العقارية، ليس في المملكة فحسب، وإنما نقوم بتطوير مشاريع عقارية في عدد من دول العالم، كالمملكة المتحدة، والإمارات العربية المتحدة، والمغرب. ومن تلك المشاريع برج فيرمونت رملة الفندقي الذي تقوم بتطويره شركتنا «رملة للتطوير»، وهو برج من 35 دورًا بتصميم معماري فريد، وخدمات مميزة للسكان، ويقع على طريق الملك فهد شمال الرياض، ومقرر افتتاحه قريبًا - بإذن الله -. ونعمل على إطلاق مشروع سكني تجاري ضخم، يتضمن عددًا من الأسواق والخدمات الفندقية والترفيهية في مدينة الرياض.
ومن المشاريع السابقة مجمع نورا السكني، ومركز المخلصين الجمركيين ووكلاء الشحن في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، اللذان قامت بتطويرهما شركة «معمار للتطوير والاستثمار».
كما قمنا بتطوير برج تايم بلايس السكني بالشراكة مع شركة أبراج، الذي يعتبر من أوائل الأبراج التي تم تطويرها في منطقة دبي مارينا في العام 2003. وكذلك برج هيليانا في دبي، إضافة لمشروع لوتس رود للمكاتب الإبداعية الذي ستقوم بتطويره شركتنا «ميتافورم للتطوير والاستثمار» في منطقة التصميم الشهيرة في العاصمة لندن، وغير ذلك من المشاريع التجارية والسكنية ومشاريع الضيافة.
كما أن للشركة مشاريع استثمارية عقارية، تقوم بتطويرها من خلال شركاتها أو شركائها، مثل شركة معمار للتطوير والاستثمار، وشركة أوفى للاستثمار.
ونظرًا لاستثمارات الشركة الكبيرة في القطاع العقاري فإننا قمنا بالاستثمار في قطاعات مكملة وداعمة له؛ ففي المجال الهندسي تستثمر المجموعة في شركة «بريزما سيركل» للتصميم الهندسي والداخلي، وشركة نون للتصاميم وإدارة المشاريع.
كما نستثمر في شركة إنشاءات التقنية المتحدة للمقاولات في الرياض المتخصصة في تصنيع الديكورات الداخلية والأثاث لمشاريع ضخمة في المملكة. كما تمتلك الشركة مصنعًا في دبي عبر شركة TRS، وهي شركة متخصصة في صناعة الأثاث والتصاميم الداخلية في دولة الإمارات. كما استحوذت الشركة على مصنع عريق للأثاث الراقي في أوروبا.
ذكرتم استثماراتكم في القطاع العقاري وقطاعات مكملة له، كما ذكرتم استثماركم في 13 قطاعًا، هل لنا أن نتعرف عليها؟
بالطبع؛ فللقطاعات الأخرى حصة لا تقل شأننا عن القطاع العقاري بفروعه كافة. فمحفظتنا الاستثمارية متنوعة، وتشمل أكثر من 40 شركة في 13 قطاعًا مختلفًا في 6 دول حول العالم.
فنحن -على سبيل المثال- لدينا استثمارات في مجال الأطعمة والمشروبات؛ إذ لدى المجموعة عدد كبير من المطاعم تحت 13 علامة تجارية، منها العالمية التي دخلت إلى السوق السعودي كمشاريع امتياز، ومنها ما يعمل بالفعل في السوق السعودي، ومنها ما هو مقرر لها الافتتاح قريبًا. وتولي شركة نايف الراجحي الاستثمارية أهمية لقطاع الدعاية والإعلان والتسويق الرقمي، وهو من القطاعات المهمة لمواكبتها العصر الحديث باستغلال الفرص الجديدة المتاحة بفضل انتشار التكنولوجيا. وفي هذا القطاع استثمرنا في شركة PHI التي تختص بمجال الإبداع والاستشارات الإعلانية، كما أسسنا PHI للإعلانات الخارجية في دولة الإمارات، واستثمرنا في قطاعَي التسويق الرقمي والتواصل الاجتماعي.
ومن ضمن التوجهات الحديثة للشركة: الاستثمار في أحد أهم القطاعات الواعدة في مملكتنا الغالية، وهو قطاع التعدين، من خلال شركة البوصلة الذهبية للاستشارات والخدمات التعدينية والجيولوجية. وتقدم شركة البوصلة ثلاث خدمات رئيسية: الأولى: الاستشارات الجيولوجية، ويتبع لها المسح الجيولوجي، والاستكشاف التقني عن الخامات المعدنية، وحساب الخامات وتقييم الخامات حسب النظام الأسترالي والكندي. والثانية: خدمات الحفر الماسي والعكسي السونيك. والثالثة: تشغيل المحاجر والمناجم بأعلى الكفاءات والقدرات الفنية.
وهناك أيضًا مجالات أخرى، نقوم بالاستثمار فيها، مثل مجال الضيافة، إدارة المرافق، صناعة التبريد، وإنترنت الأشياء، وغيرها.
* لفتت انتباهي كلمة إنترنت الأشياء. ما هي؟ وكيف يتم الاستثمار بها؟
تقع إنترنت الأشياء من ضمن قطاع التكنولوجيا، وهو مفهوم جديد في عالم الإنترنت ظهر مؤخرًا؛ إذ يتيح التحرر في استخدام الإنترنت عند التواصل مع أي جهة يود الاتصال بها، كالتلفاز أو البراد أو غيرها. كما استثمرنا أيضًا في مجال التقنية المالية (Fintech). ولقد انتهينا مؤخرًا من تطوير منصة جديدة، سيُعلَن عنها قريبًا، وستُطرح عبر مزودي الخدمات Android وIOS.
* ماذا عن الاستثمار في مجال أسواق المال؟
تدير الشركة محافظها التي تملكها ذاتيًّا عبر فريق عمل متخصص في دراسة وتحليل وضع أسواق المال المحلية والعالمية. فنحن نستثمر بالأسواق المحلية على المديَيْن، القريب والبعيد. وتقوم الشركة بالاستثمار في القطاعات القيادية ذات النمو والتوزيعات النقدية، كما وتوازن في استثمارها بين القطاعات المختلفة لتوزيع المخاطر، والتأهب فـي حـال التقلبات الاقتصادية التي تتماشى مع استراتيجية الشركة.
* لا يخفى عليكم ما تمرُّ به مختلف الأسواق في العالم من ظروف استثنائية بسبب جائحة كورونا، وما أدت إليه من تأثر مختلف الأنشطة. ما هي رؤيتكم لهذه الأزمة؟ وكيف تتعاملون معها؟
من ضمن استراتيجيات مجموعة نايف الراجحي الاستثمارية التي عملنا عليها منذ البداية هي إدارة الأزمات، وتتم عبر مراقبة الظروف المحيطة من أجل تعديل ديناميكية العمل، وجعله مرنًا بما يتناسب مع الأوضاع والظروف المتغيرة، وبما يحافظ على العمل وحمايته من الانهيار حتى نعود للعمل بشكل طبيعي. هذه السياسة أيضًا تمكننا من التنبؤ بالتغيرات المستقبلية والتعامل معها.
كما أننا في شركتنا نؤمن بأن أي ظروف استثنائية تمرُّ بأي عمل ستترك معها آثارًا سلبية وإيجابية. بمعنى أنها تترك فرصًا إيجابية، يمكن استغلالها، وسلبية؛ لنتعلم منها؛ لنطور أنفسنا. والمستثمر ذو الخبرة هو مَن سيتمكن من استغلال الظروف المحيطة كافة لصالح أعماله.
النجاح الذي وصلتم إليه كان حصيلة تجارب وخبرات متراكمة، اكتسبتموها لتحققوا هذه المكانة المميزة في عالم الاستثمار. ما هي نصيحتك لشباب الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة؟
بعد الاتكال على الله تعالى أولاً وأخيرًا، عليهم أن يقوموا بتحضير خطة استراتيجية تنفيذية متكاملة، تشمل دراسة السوق، وتغطي جوانب العرض والطلب، وتحديد الأهداف العامة والرؤية، فضلاً عن أهمية تحليل الفرص والمخاطر ونقاط القوة والضعف (SWOT Analysis)، ثم تليها الدراسة المالية ووضع الميزانيات والتدفقات النقدية، ووضع الهيكل الاستراتيجي العام للشركة والمراكز العملية المهمة؛ إذ إن الاستثمار البشري وتهيئة بيئة عمل صحية هما سبب رئيسي لتحقيق الخطة وتنفيذها للوصول للأهداف المرجوة. كما أؤكد أن الانضباط والإصرار، والعزيمة والمثابرة، والصبر وروح التحدي، هي الصفات القيادية التي ستوصل الشباب لتحقيق الأهداف المرجوة -بإذن ألله تعالى-.