د. فواز بن عبد الرحمن الحوزاني
انتشرت في الآونة الأخيرة جائحة مرضية على مستوى العالم اسمها (فايروس كورونا) ولا يكاد يخلو بلد من وجود عدد من الحالات البسيطة أو الخطيرة تعالج في المستشفيات وفي بعض الدول الحالات فاقت التوقعات والإمكانيات الطبية المتوفرة حتى وصلت إلى مرحلة خطيرة جداً» وخارجة عن السيطرة وخاصة في دول تعتبر من الناحية الطبية والصحية متقدِّمة وذات سمعة طبية.
فما هو هذا المرض وما العامل المسبب له وما هي الأعراض التي يتظاهر بها وكيفية الوقاية منه.
تساؤلات كثيرة منطقية تدور في أذهان الناس بشكل دائم, وسأحاول في هذا المقال أن أشرح الموضوع بشكل مبسّط حتى نتعرَّف على هذا المرض حمانا الله وإياكم منه.
هذا المرض يسببه فيروس من مجموعة الفيروسات التاجيّة المعروفة منذ زمن طويل وتُسمى فيروسات كورونا وتسبب عادة إنفلونزا بسيطة عند الإنسان ولكن في بعض الحالات قد تسبب مرضاً» خطيراً» كما هي الحال في هذه الفترة، حيث تسبب الفيروس بمرض خطير اسمه مرض كورونا أو كوفيد 19.
بدأ هذا المرض الجديد في الصين في شهر ديسمبر الماضي 2019 في مدينة ووهان وسرعان ما انتشر خلال فترة قصيرة إلى عدة مدن صينية ومن بعدها انتشر في أنحاء العالم على مراحل ولكن خلال فترات قصيرة وسبب الكثير من الإصابات وحالات كثيرة من الوفيات.
وقد تبيّن أن المسبب لهذا المرض فيروس كورونا مستجد متحول، حيث إنه قد يسبب التهابات وأعراض خفيفة في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي عند بعض المرضى وبخاصة ذوو المناعة القوية وقد تحدث عدوى شديدة في الجهاز التنفسي خاصة عند المرضى كبار السن الذين لديهم أمراض مزمنة وذوو المناعة المنخفضة وقد يؤدي إلى مرض تنفسي شديد يُسمى المتلازمة التنفسيّة الحادّة الوخيمة.
يبدأ المرض بأعراض مشابهة للإنفلونزا مثل السعال الجاف، والقشعريرة، والحرارة والإسهال، وقد يحدث ضيق في التنفس، وآلام جسديّة، وتعب عام، وقد تزداد حدة المرض عند بعض المرضى ويتطور إلى التهاب رئوي حاد مما يؤدي إلى فشل في الجهاز التنفسي, أو فشل القلب، أو فشل الكبد في المراحل المتقدِّمة منه، وقد يؤدي في النهاية إلى الموت لا قدَّر الله كما حدث لمئات الأشخاص المُصابين عند بدء انتشار هذا المرض الوبائي، وقد أصيب كبار السن بالمُضاعفات بشكلٍ أكبر؛ وتسبّب بوفاة عدد كبير منهم.
وعن طريقة انتشار هذا الفيروس بين الناس فيُعتقد بأنّه ينتقل عن طريق السوائل التي يُفرزها الجهاز التنفسي، ويتميّز فيروس كورونا بأنّه متغيّر ومتحوّل وهذا ما يجعله مُعدياً بشدّة،كما أن تناثر القطرات المليئة بالفيروسات في الهواء بسبب عدم تغطية المصاب لفمه عند السعال أو العطاس في وجه إنسان سليم قد يسبب العدوى، وثبت أنه ينتقل عن طريق الاتصال المباشر مع المصاب بفيروس كورونا وذلك من خلال اللمس، أو المصافحة، أو العناق، أو التقبيل، أو مشاركة الأواني المستخدمة في تناول الأطعمة والأشربة، أو التحدث إليه ضمن مسافة قصيرة، كذلك فإن ملامسة الأسطح والأشياء التي تحمل فيروس كورونا ثم ملامسة الأنف، أو الفم، أو العيون تسبب العدوى.
كيف يتم تشخيص الإصابة بفيروس كورونا؟
عند التشخيص يقوم الطبيب بالسؤال عن الأماكن التي سافر إليها المريض في الفترة الأخيرة، أو إذا تعرض أو تواصل مع أي شخص مصاب بهذا المرض وقد يطلب الطبيب عمل فحوصات مخبريّة لعينة من الجهاز التنفسي (مسحة من البلعوم الأنفي)، ومن الضروري عمل الفحوصات اللازمة في حال كانت الأعراض شديدة حتى بدون وجود قصة سفر أو تعرض لمريض.
كيف تكون الوقاية من فيروس كورونا؟
بما أنّه لا يوجد لقاح ضدّ فيروس كورونا المستجد، فإنّه يُنصح بالأخذ بالتدابير التالية للوقاية من الإصابة به، ومنها ما يأتي - غسل اليدين جيّداً باستخدام مطهّر يحتوي على الكحول أو بالماء الدافئ والصابون.
- عدم ملامسة العينين، أو الأنف، أو الفم باليدين إلا بعد غسلهما.
- تجنّب الاتصال المباشر أو القريب مع الأفراد المصابين بفيروس كورونا.
- استخدام القفازات التي تُستخدم لمرّة واحدة عند التعامل مع المصاب بشكلٍ مباشر، وعدم تكرار استخدام نفس القفاز مرةً أخرى.
- عدم مشاركة مفارش السرير، أو المناشف، أو أواني الطعام والشراب مع المصاب بالمرض.
- ويجب على المصابين البقاء في المنزل طيلة فترة المرض، للتقليل من فرصة انتقال العدوى للآخرين، وفي الحالات التي تصاحبها الحمّى يجب البقاء حتى عشرة أيّام بعد الشفاء منها.
- تجنُّب التعامل بشكلٍ مباشر مع الآخرين. تغطية الفم والأنف بكمامّة أو بمنديل ورقي عند السعال أو العطاس، ومن ثمّ التخلص منه وغسل اليدين جيّداً.
- المحافظة عل نظافة البيئة المحيطة وتعقيم الأسطح والأشياء.
ما هي طرق علاج فيروس كورونا؟
في الحالات البسيطة يتعافى المصاب بفيروس كورونا في الغالب من تلقاء نفسه؛ حيث لا يوجد علاج مخصّص للمرض, ويُمكن القيام بما يلي للتخفيف من شدّة الأعراض المصاحبة للمرض، ومن ذلك:
شرب كميّات كافية من السوائل، وأخذ قسط كافٍ من الراحة في المنزل، وتجنّب بذل أي مجهود إضافي، والامتناع عن التدخين، وتجنّب المناطق التي تحتوي على الدخان، وتناول الأدوية التي تخفف من الألم والحرارة مثل: الأسيتامينوفين، ويجب تجنب دواء ايبوبوفن، واستخدام جهاز ترطيب الجوّ أو أخذ حمّام دافئ للتخفيف من السعال والتهاب الحلق.
وفي الحالات الشديدة مثل: الإصابة بالمتلازمة التنفسيّة الحادّة الوخيمة أو فيروس كورونا الجديد 2019، فقد يكون دخول المستشفى ضرورياً؛ حيث يتمّ عزل المريض والتعامل معه بالطريقة الصحيحة، وإعطاؤه ما يلزم من العلاجات المساندة والداعمة مثل التهوية الاصطناعيّة بالإضافة إلى احتمالية وصف بعض أنواع الأدوية مثل: مضادّات الفيروسات، والستيروئيدات ويوصى أيضاً باستخدام دواء مضاد للملاريا في بعض الحالات داخل المشافي.
وأخيراً نقول ما زالت الدراسات متواصلة في مختلف أنحاء العالم لإيجاد دواء مناسب لعلاج هذا المرض، وإيجاد لقاح يمكن أن يحمي الناس من الإصابة بهذا الفيروس، وتبقى التوصية المهمة من قبل الكادر الصحي للجميع.
الرجاء ابقوا في بيوتكم واحموا أنفسكم وأطفالكم واتبعوا التعليمات الصحية المناسبة للوقاية من هذا المرض، حفظنا الله وإياكم جميعاً.