فهد بن جليد
لا أحد يتمنى أن يخوض ظروفاً مُشابهة لما تمرُّ به وتعيشه الآن منظمة الصحة العالمية، التي تذيق العالم مرارة طعم (فيروس كورونا)، بحمل ثقيل ومزدوج يتمثَّل بصعوبة موقفها لمُكافحة المرض وجهود الحد من انتشاره، جنباً إلى جنب مع مُحاولة إثبات البراءة، فالمنظمة العالمية تخوض معركة شرسة في مضمار طويل لتُثبت للعالم مدى حياديتها وسط عاصفة من التهم وموجات الغضب التي تُحيط بأدائها، من المُحزن أنَّ هناك من ينظر إليها (كطوق نجاة) وربما (شماعة) لتعليق الأخطاء عليها، متى ما احتاجت بعض الدول والأنظمة لذلك، حتى تخرج من مأزق (كورونا) وربما سوء التصرّف أمام شعوبها، بعيداً عن التشنج ودون أي مصلحة أو هدف لنُحاول قراءة المشهد ومعرفة هل المنظمة العالمية أخطأت بالفعل؟ وما هو أفضل سيناريو يمكن أن تنتهجه في هذا الوقت -من وجهة نظر شخصية-.
ثمَّة أسئلة لا يمكن الإجابة عليها الآن، تتعلَّق بمدى معرفة المنظمة بحقيقة الفيروس في وقت مبكر؟ وهل قامت بما يجب؟ بل هل اتبعت (بريسيجر الخطوات) المُتفق عليه عند وقوع أو رصد مثل هذه الجائحة أو الخطر؟ وهل أخطأت المنظمة بتقديراتها الأولية؟ ... إلخ من الأسئلة التي تحتاج لإجابات توضح ما الذي حدث في البدايات؟ والأهم هل كانت المنظمة تنظر (لكوفيد-19) كخطر حقيقي قادم، أم كفرصة سانحة للحصول على مزيد من الدعم والاهتمام الدولي؟ ما سبق سؤال مطروح وليس اتهاماً مبطناً، المؤكد أنَّ هناك أخطاء وقعت بالفعل مع تخبط التصريحات وتناقضها، لاحظ أنَّ ذلك كان مقبولاً عند البعض في البداية، ولكنَّ مسلسل التخبط في التصريحات والتقديرات ما زال مُستمراً حتى الآن وفي كل مراحل تطور الفيروس وانتشاره عالمياً، بين إمكانية القضاء على كورونا والتغلّب عليها وفق تقديرات زمنية، وبين ضرورة التعايش معه وتقبل (كوفيد-19) كأحد الأمراض والفيروسات السنوية، هنا يمكنك تفهم المخاوف ومعرفة سبب الاتهامات.
لا يمكن الجزم بأنَّ المنظمة أضاعت فرصة ذهبية بعدم (إطلاق) منصة عالمية للتعاطي مع الأفراد والإجابة على أسئلتهم، رغم أنَّ ما قُدِّم هو إجابات متناقضة وتائهة، الفُرصة -برأيي- لا تزال سانحة لتدارك الأمر وإطلاق منصة حوار بين المنظمة والأفراد حول العالم لتقديم النصائح المباشرة والإجابة على الاستفسارات والمخاوف -بشكل وأداء أفضل- ممَّا هو قائم الآن، ما سيساعد في حفظ ما يمكن من (ماء الوجه) وتخفيف الضغط، فتعالي الأصوات حول فشل منظمة الصحة العالمية سيبقى له ما يبرِّره بين الحكومات وعلاجه ومواجهته بعد انتهاء العاصفة، شريطة أن توقف المنظمة التناقض الواضح والتخبط في الأداء بين نشر الوثائق وحذفها، وإعلان التجارب والتراجع عنها، وتقديم التقديرات والنصائح بتباين بين مكان وآخر، ما جعل العالم بأسره يتجرَّع مرارة (كورونا) مرتين، نتيجة (غموض الفيروس) و(ضياع المنظمة) معاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.