المدينة المنورة - واس - «الجزيرة»:
يختص شهر رمضان بروحانيته وأثره الوجداني في النفوس, ويتجلى فيه الشعور الإنساني الممزوج بروح العطاء, وتتعاظم فيه معاني البذل والإحسان بين الناس, بإطعام الطعام, وتلمّس احتياجات الأقارب والجيران طمعاً في الأجر من خالق الأرض والسماوات. ولرمضان في المدينة المنورة خصوصية يشعر بها أبناء المجتمع المديني في نوع الأطعمة التي لا تختلف طريقة إعدادها بين ربّات البيوت منذ القدم، فيما تحرص العائلات اليوم على إعداد الأكلات المدينية بدلاً من شرائها من السوق بسبب تفشّي جائحة كورونا وتقليص ساعات التجوّل. وتتحدّث «ليلى أم محمد» عن الشوربة بوصفها جزءًا أساسيًا من مائدة رمضان, وتقول إن مائدة الإفطار لا تخلو من شوربة الفريك, وشوربة الحب البيضاء أو الحمراء حيث تعدّ من أساسيات المائدة الرمضانية, إضافة إلى السمبوسك والبريك وهو عبارة عن عجين يتم تشكيله على شكل مثلثات أو منفوخ ويسمّى «البُّف»، ويشتهر بإعداده أهل المدينة المنورة, وترى أن إعداد عجائن السمبوسك والبريك والبفّ كان يستغرق وقتاً أطول وجهداً أكبر في السابق, إلا أن العديد من المصانع المحلية أصبحت توفرها على شكل عجائن جاهزة, أو بحشوات منوعة من اللحم والخضار والجبن والبطاطس, وتكتفي ربة المنزل بطهيها في الفرن أو قليها بالزيت. وترى أم محمد أن الفول المديني يعدّ الطبق الأساسي على مائدة الإفطار, وتقول إنها اعتادت منذ خمسين عاماً على وجود طبق الفول مع الدقة المدينية على السفرة طوال أيام رمضان, ورغم طرق إعداده المنوّعة بين البلدان والمجتمعات إلا أن الفول المديني له مذاقه ورائحته الخاصة, إذ يحضّر بطريقة مميّزة, وله نكهة مختلفة فيصنع مرة بالفول المدمس بوجود حبة الفول المتكاملة بداخله, ومرة بالعدس, وغيرها من الإضافات مثل الفول بالحمص والفول بالطحينة والبيض, والفول القلابة, ولكل نوع نهكته المميزة عادة, ولكن يظل أشهرها الفول المبخّر. وتقول : الدقة المدينية عبارة عن خليط مطحون من البهارات يتكوّن من الكمون وملح الليمون والكزبرة والملح والفلفل الأسود, حيث يتم عادة شراء البهارات المكوّنة للدقة قبل شهر رمضان وإعداد كمية كافية لتكون جاهزة طول شهر رمضان. كما أن «الشريك المديني» له طعم مميز يفضّل أغلب أهل المدينة المنورة تناوله مع الفول في رمضان, في حين يختصر الحلى بـ «المهلبية» وهي بأنواع عدة كمهلبية النشاء والألماسية والتطلي والسابودانة, والجلي, والكناة, والقطائف, والأقر بالتوت, والأقر عبارة عن نشاء يطبخ على النار, ويصبّ عليه شراب التوت, في حين يمثّل مشروب «السوبيا» سيد العصائر والأكثر شهرة في رمضان, فهو مشروب رمضاني يمرّ إعداده بمراحل عدة، ابتداءً من تخمير الشعير جيداً مع الخميرة والسكر, ويتم تبريده بعد إزالة الشوائب منه، ومن ثم إضافة كميات من حبات الهيل، وبعض النكهات المختلفة كالقرفة والصبغات الملونة.