«الجزيرة» - مكة المكرمة - واس:
من معالم المسجد الحرام قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ومأوى أفئدتهم مقام إبراهيم الواقع في صحن الكعبة المشرفة، وهو ذو مظهر بلوري مذّهّب له العديد من الفضائل ومنها أنه ياقوتة من يواقيت الجنة، حيث ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله عز وجل {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، ووقف عليه إبراهيم عليه السلام كما أمره الله بذلك.
ومقام إبراهيم حجر أثري قام عليه النبي إبراهيم -عليه السلام- عند بناء الكعبة المشرفة لما ارتفع البناء ليقوم فوقه ويناوله ابنه إسماعيل عليه السلام الحجارة ويضعها بيده لرفع الجدار كلما كمل ناحية انتقل إلى أخرى يطوف حول الكعبة ويقف عليه وكلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي تليها حتى تم بناء جدران الكعبة المشرفة الأربعة، حيث يشير المؤرخون إلى أن صفة حجر المقام رخو من نوع حجر الماء ولم يكن من الحجر الصوان وهو مربع ومساحته خمسون سنتيمتراً ومثلها طولاً وعرضاً وارتفاعاً، في وسطه أثر قدمي إبراهيم الخليل على شكل حفرتين بيضاويتين مستطيلتين. وكان المقام ملاصقاً لجدار الكعبة المشرفة حيث استمر كذلك إلى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وقد أخره عن جدار الكعبة الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
وحظي المقام باهتمام الخلفاء والملوك والحكام والأمراء على مر التاريخ، فالمقام عبارة عن قبة عالية من خشب ثابتة قائمة على أربعة أعمدة دقاق وحجارة منحوتة بينهما أربعة شبابيك من حديد من الجهات الأربع ومن الجهة التي يدخل إلى المقام والقبة مما يلي المقام منقوشة مزخرفة بالذهب ومما يلي السماء مبيضة وموضع المصلى ساباط مزخرف على أربعة أعمدة عمودان عليهما القبة وهو متصل بها وهو مما يلي الأرض منقوش مزخرف بالذهب.
وجددت قبة المقام عدة مرات وبقي المقام على هيئته الأخيرة إلى سنة 1387 هـ حيث أزيلت في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- المقصورة التي عليه وجعله في غطاء بلوري وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- رمم محل مقام إبراهيم عليه السلام حيث تم استبدال الهيكل المعدني الذي كان مركباً عليه بهيكل آخر جديد مصنوع من نحاس ذي جودة عالية، كما تم تركيب شبك داخلي مطلي بالذهب وتم استبدال كساء القاعدة الخراسانية للمقام التي كانت مصنعة من الجرانيت الأسود بقاعدة أخرى مصنعة من رخام كرارة الأبيض الصافي والمحلى بالجرانيت الأخضر ليماثل في الشكل رخام الحجر شكل الغطاء البلوري مثل القبة نصف الكرة ووزنه ( 1.750 ) كجم وارتفاعه ( 1.30 ) م وقطره من الأسفل ( 40 ) سم وسمكه ( 20 ) سم من كل الجهات وقطره من الخارج من أسفله ( 80 ) سم ومحيط دائرته من أسفله ( 2.51 ) م ، حيث أصبح محل المقام بعد هذه التحسينات انسيابياً حيث كان قبل ذلك مضلعاً.
ويحاذي مقام إبراهيم الحجر أو الحطيم ويقال عنه حجر إسماعيل وهو بناء على شكل نصف دائرة من الجهة الشمالية من البيت الحرام حول الكعبة وهو في الأصل جزء من الكعبة، حيث حظي الحجر في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بعمارة في غاية الجمال والإتقان عام 1397 هـ حيث فرشت أرضه بالحجر البارد كما هو في أرض المطاف وجعل على جداره ثلاثة فوانيس معدنية، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- تم إزالة الرخام القديم لجدران وأرضية الحجر واستبداله برخام جديد، كما تم تنظيف الفوانيس الموجودة على الجدران وإعادتها إلى موقعها السابق، وتم عمل حاجز من الحبال لمدخل الحجر متين القوام منمق الشكل يتناسب مع مكانة الحجر وتعظيمه، حيث يفتح الحاجز بصورة دائمة ويغلق عند الحاجة فقط ويستحب أن تصلي في الحجر النافلة أما الفريضة فالأحوط عدم أدائها في الكعبة أو فالحجر لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يثبت عنه أنه قام بذلك.